يواصل المغرب ترسيخ مكانته كوجهة فنية مرموقة في العالم العربي، من خلال احتضانه محطة جديدة من جولة “كلنا نغني”، التي يقودها المايسترو التونسي جهاد جبارة، أحد أبرز الأسماء الموسيقية العربية المعاصرة، والمعروف بمشاريعه التي تمزج بين الإبداع الموسيقي وروح التجديد. وقد شكّلت محطة الرباط لحظة فنية لافتة، قدّم خلالها جبارة رؤية موسيقية متكاملة، تجاوزت مفهوم الحفل التقليدي نحو عرض حي قائم على التفاعل والمشاركة والانصهار الفني.
![]()
وحملت سهرة الرباط توقيعاً فنياً مميزاً، إذ نجح المايسترو جهاد جبارة في بناء توليفة موسيقية تجمع بين الموسيقى العربية الكلاسيكية، باعتبارها ركيزة أساسية في الوجدان الفني العربي، وبين أساليب حديثة منحت الإيقاع نَفَساً عالمياً معاصراً. كما ساهم حضور موسيقيين من دول عربية مختلفة في إضفاء بعد تبادلي عابر للحدود، عكس رؤية المشروع في جعل الموسيقى العربية فضاءً جامعاً يحتفي بالتنوع ويكرّس قيم الانفتاح والتلاقي.
واكتملت الصورة الفنية للسهرة بحضور الفنانين المغاربة رفيع، وبدر أوعبي، وDuke، الذين قدّموا أعمالاً تعكس غنى المشهد الموسيقي المغربي وقدرته على الانخراط في مشاريع جماعية ذات أفق عربي مشترك. وشكّلت مشاركتهم إضافة نوعية للعرض، خاصة وأن أداءاتهم جاءت منسجمة مع التوجّه الفني للمايسترو جبارة، القائم على بناء جسور موسيقية بين التجارب والثقافات.
![]()
ولم يقتصر نجاح السهرة على المستوى الفني فحسب، بل تجلّى أيضاً في التفاعل اللافت بين الجمهور والفرقة الموسيقية. فقد برهن الجمهور الرباطي مرة أخرى على وعيه الفني وشغفه بالعروض الحية، مساهماً في تحويل اللحظات الموسيقية إلى تجربة جماعية نابضة بالحياة. وبدت رؤية جهاد جبارة، المعتمدة على إشراك الجمهور في صناعة اللحظة الفنية، منسجمة تماماً مع روح هذه المحطة.
![]()
وعقب اختتام السهرة، عبّر المنظمون، وعلى رأسهم شركة ProBook، عن فخرهم بنجاح محطة الرباط، التي اعتُبرت من أقوى محطات الجولة حتى الآن، سواء من حيث جودة التنظيم أو مستوى الأداءات أو حجم التفاعل الجماهيري. وقد شكّل مسرح محمد الخامس فضاءً مثالياً اجتمعت فيه الاحترافية التقنية مع الحضور الجماهيري المكثف، ما منح الأمسية طابعاً فنياً راقياً يليق بمكانة الرباط كعاصمة ثقافية.
وهكذا يؤكد المغرب، مرة أخرى، قدرته على احتضان مشاريع فنية طموحة بروح عربية مشتركة، تعزّز حضوره الثقافي وتدعم مكانته في المشهد الإبداعي الإقليمي والدولي، فيما تواصل جولة “كلنا نغني” تقديم نموذج متجدد للفن العربي المعاصر بقيادة المايسترو جهاد جبارة