عرفت الساحة الغنائية المغربية في الآونة الأخيرة بروز ممارسات غير مألوفة، حيث كشفت مصادر فنية متطابقة عن “تحول بعض الفنانات إلى ما يشبه “تكتلات فنية” تفرض وجودها على حساب الجودة الفنية وقيمة الأجر المستحق”.
مصادر خاصة لجريدة بلبريس كشفت أن “عدداً من الفنانات أصبحن يتواصلن بشكل مباشر مع منظمي المهرجانات والحفلات، ويقترحن الاشتغال مقابل مبالغ مالية هزيلة، فقط من أجل ضمان الظهور أمام الجمهور والإعلام. هذه الخطوة، التي تبدو في ظاهرها مجرد تنازلات شخصية، أفرزت منافسة غير متكافئة داخل السوق الغنائية، إذ باتت تضيق المساحة أمام الأصوات الصاعدة ورواد الأغنية المغربية الذين يرفضون خفض قيمة فنهم مقابل أي حضور عابر”.
الأخطر من ذلك – تضيف المصادر – أن “بعض الفنانات أصبحن يعرضن على المنظمين خدمات تتجاوز الغناء، تشمل توفير الخشبات والتجهيزات التقنية مثل الإضاءة والصوت، وهو ما يحولهن عملياً إلى “متعهدات حفلات”، ويدفع بالمنتظم الفني إلى الانزلاق نحو منطق تجاري صرف، تغيب فيه المعايير الفنية والإبداعية”.
هذه الممارسات لم تؤثر فقط على جودة العروض المقدمة، تورد المصادر “بل انعكست سلباً على حياة المئات من المختصين في مجال تنظيم الحفلات وإدارة الجانب التقني، الذين وجدوا أنفسهم خارج اللعبة، بعدما أصبح بعض الفنانات يتكفلن حتى بتأمين المعدات والخدمات التي كانت في الأصل من اختصاص شركات ومهنيين لهم تجربة طويلة. الأمر الذي تسبب في اتساع دائرة البطالة داخل هذا القطاع، ودفع بالكثير من الكفاءات إلى الهامش”.
ويرى مهنيون أن “الوضع الراهن يطرح إشكاليات عميقة تتعلق بغياب إطار قانوني واضح ينظم العلاقة بين الفنانين والمنظمين، ويحدد بدقة أدوار كل طرف. فالمشهد الغنائي لم يعد فقط مسألة إبداعية، بل أصبح ساحة اقتصادية وتجارية مفتوحة على ممارسات قد تضر بالقطاع ككل”.
ويبقى السؤال المطروح هو هل سيتدخل المسؤولون لوضع ضوابط تقنن هذه الفوضى وتحمي مهنة تنظيم الحفلات من التلاشي، أم أن السوق الغنائية ستظل مفتوحة أمام “تكتلات فنية” تستعمل كل الوسائل، حتى التقنية منها، لضمان استمرارها بأبشع الطرق؟