نعيمة سميح ترحل بحضور قلة من الفنانين : وداع باهث لصوت كبير وإرث خالد (صور)

في مشهد مؤثر، وتحت سماء رمادية تعكس حزن الفراق، ووري جثمان الفنانة القديرة نعيمة سميح الثرى في مدينة بنسليمان. لحظة الوداع الأخير لم تشهد الحضور المتوقع لقيمة فنية بحجمها، إذ لم يحضر سوى قلة من الفنانين الزملاء  لتوديعها إلى مثواها الأخير من بينهم : نادية أيوب، لطيفة رأفت، نعمان لحلو، مرا الاسمر، الحتج يونس ، حياة الادريسي وسعيدة شرف

غياب معظم الفنانين الآخرين، أولئك الذين عاصروا نعيمة سميح، والذين أعادوا غناء أغانيها في بداياتهم، أثار تساؤلات حول قيمة الوفاء في الوسط الفني.

 

البعض عزا هذا الغياب إلى توقيت الإعلان عن الوفاة، الذي تزامن مع ساعات الصباح الأولى ليوم السبت 8 مارس، الذي يوافق اليوم العالمي للمرأة.

الفنان نعمان لحلو، الذي بذل جهداً للوصول إلى المقبرة، أشار إلى تضارب الأقوال حول مكان الدفن، محملا المسؤولية لعائلتها وأزمة التواصل، معتبرا أن عائلتها هي كل المغاربة، لافتا انه يحترم اختيارها في الاعتزال ومعتبرا أن نعيمة لن تموت .

فنانة بحجم نعيمة سميح كان يجب أن تليق لحظات الوداع بمكانتها كأحد أهرام الأغنية المغربية. ربما كانت وصية الفنانة الراحلة أن ترحل في صمت، خاصة بعد قرارها اعتزال الناس والابتعاد عن الأضواء ، لكن هذا لم يمنع حضور فنانين آخرين مثل سعد التسولي وزوجته فاطمة خير.

الغياب لم يقتصر على الفنانين فحسب، بل طال أيضًا القنوات التلفزيونية والإعلام، حيث كانت التغطية باهتة وغير لائقة بالحدث الجلل. لم تخصص أي قناة برامج خاصة تسلط الضوء على تاريخها الفني الزاخر أو تعرض بورتريه يواكب هذا الخبر الحزين، وكأن رحيل قامة فنية بحجم نعيمة سميح لا يستحق الاحتفاء والإشادة.

فاطمة خير ونادية ايوب من جنازة نعمية سميح

 

"وداعا طفولتي..."، هكذا علّق أحد محبي الفنانة الراحلة على فيديو نشرته "بلبريس" حول مراسم الدفن، تعليق يلخص حقيقة أن نعيمة سميح كانت جزءًا لا يتجزأ من طفولة جيل الثمانينات والتسعينات. تلك الأجيال التي ترعرعت على أغانيها العذبة التي كانت تملأ أثير الإذاعة والتلفزيون، على قلته آنذاك.

يوم ماطر، كان من المفترض أن تتحول جنازة نعيمة سميح إلى محطة لتجمع كل من أثرت فيهم، كل من غنوا معها، كل من تعلموا منها، وكل من استمعوا إلى صوتها الذي كان يلامس الروح قبل الأذن. فنعيمة سميح لم تكن مجرد فنانة، بل كانت جزءًا من ذاكرة شعب، من تاريخ أغنية، من تراث ثقافي مغربي غني ومتنوع. كانت صوتًا حمل في طياته حكايات الحب، آلام الفراق، فرح الانتصار، وحنين الوطن. كانت أيقونة لم تغب عن قلوب المغاربة، حتى عندما غابت عن الساحة الفنية.

ستبقى نعيمة حاضرة بأغانيها الخالدة مثل "ياك اجرحي"، "غاب عليا الهلال"، "البحارة"، و"أحلى صورة"، وغيرها من الأعمال التي طبعت الساحة الفنية المغربية لعقود طويلة. رحلت نعيمة ، لكن إرثها الفني سيبقى يتردد صداه في قلوب محبيها، وستظل أغانيها خالدة في ذاكرة الأجيال.