يخلد الشعب المغربي الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين ، ويستحضر الشعب المغربي في هذه المناسبة الوطنية بأسمى مظاهر الاعتزاز والفخر، قوة الالتحام المكين الذي يجمع العرش بالشعب .
وتأتي هذه الذكرى المجيدة يوم 30 يوليوز من كل سنة، لتسلط الضوء على أواصر المحبة القوية، وتعلق الشعب المغربي الراسخ بالملك محمد السادس، رمز الأمة وموحدها، وباعث نهضة المغرب الحديث، الذي تمكن بفضل حنكة وتبصر وسداد رؤية جلالته وتجند أبناء هذا الوطن الأبي، من شق طريق التقدم والازدهار بكل عزم وتباث في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومنذ اعتلائه العرش أبدى الملك محمد السادس اهتماما كبيرا بالحقل الفني والثقافي وهو ما انعكس بشكل إيجابي على البلاد، فأصبح إشعاع ثقافتها منتشرا في كل مكان، حيث كان اهتمامه نصره الله متمثلا في رعايته السامية التي أولاها لمجموعة من التظاهرات الفنية والثقافية والمهرجانات الكبرى التي تنظمها المملكة المغربية، وحرصه على فتح مجوعة من الفضاءات الثقافية بالاضافة الى تعزيز وترسيخ التنوع والاختلاف الثقافي المغربي وهو ما ساهم في نشر ثقافة البلد وتصديرها خارج حدود الوطن.
وينظم المغرب سنويا مجموعة من التظاهرات الثقافية والفنية تحت الرعاية السامية أبرزها المهرجانات الفنية الكبرى التي تنظم في مختلف المدن المغربية والتي تستقطب فنانين من مختلف دول العالم أبرزها مهرجان موازين إيقاعات العالم الذي ينظم في عاصمة المملكة الرباط، ومهرجان تيميتار بأكادير والمهرجان الدولي للفيلم بمراكش والمهرجان الدولي للفنون والثقافة صيف الاوداية، والمهرجان الوطني للأغنية الحسانية بالاضافة الى معرض الكتاب والنشر وغيرها من الأنشطة الفنية والثقافية التي تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد بالبلاد.
وشهد المغرب خلال حكم جلالة الملك محمد السادس تحولا ملحوظا دفع بالبلاد نحو مدارات التميز في جميع المجالات بما في ذلك مجال المتاحف حيث أن المغرب فتح مجموعة من المتاحف في مختلف المدن المغربية على غرار طنجة، تطوان ومراكش والرباط وآسفي ومكناس وأكادير وأزيلال، وذلك بهدف السماح للمغاربة باكتشاف تراثهم الغني وهذا ما يترجم رؤية جلال الملك في الترويج للتراث الثقافي المغربي وترسيخه في ذاكرة الأجيال الجديدة.
وأولى الملك محمد السادس عناية لفن الملحون كتراث وعلامة بارزة في تاريخ الثقافة الشعبية المغربية، إذ ما فتئ جلالته، يلفت النظر إلى قيمة الملحون وأهميته وضرورة العناية به ، لما يمثله من مظاهر حضارية وثقافية وجزء مكون لهويتنا الوطنية، حيث كلف جلالته الأكاديمية بإصدار ” أنطولوجيا ” للملحون ، وهي مختارات من القصائد يسجلها منشدون ومنشدات بالأداء الغنائي وفق المعايير الشعرية الصحيحة، والمقاييس الموسيقية السليمة .
ومن مظاهر اهتمام الملك محمد السادس بالحقل الفني والثقافي والنهوض بهذا الشأن والأولوية التي تحتلها الثقافة في سياسات الدولة، هو توشيح الملك محمد السادس نصره الله عددا من المثقفين والفنانين في المناسبات الوطنية، بالاضافة الى نص الدستور المغربي في فصله 19 على أن الحقوق الثقافية من حقوق المغربي، بل إن هناك مساواة بينها وبين باقي الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتشهد الأعياد الوطنية في عهد الملك محمد السادس مجموعة من الأسماء الثقافية والفنية التي بصمت على مسيرة مشرفة ومثلت المغرب في تظاهرات دولية كبيرة وهو ما يترجم اهتمامه بالفنانين والمثقفين والمفكرين ورعايته لهم وتتبعه لما يقدمونه من أعمال تغني الخزانة الفنية والثقافية المغربية.
ووضع الملك محمد السادس، الثقافة في صلب العملية التنموية للمملكة المغربية، باعتبارها محركا للتنمية الفردية والاجتماعية، ومصدرا للتشغيل، وعاملا للتماسك الاجتماعي، حيث أن المغرب انخرط في النهوض بمجتمع الولوج إلى الثقافة للجميع، من خلال مضاعفة الفضاءات والأدوات الثقافية، وتقليص الفوارق في الولوج إلى الثقافة وتطوير التكوين في المهن الثقافية.
وعلى عهده ترسخت الروافد الثقافية المتنوعة للمغرب وأصبح معترف بها دوليا كمكون أساسي يشكل الغنى الثقافي للمملكة، نذكر هنا العربية والأمازيغية والحسانية والأندلسية والافريقية، وهو ما حرص على تعزيزه في مجموعة من المناسبات نذكر منها خطاب جلالته بمناسبة وضع الطابع الشريف على الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بأجدير سنة 2001 والذي جاء فيه:" إننا نريد، في المقام الأول، التعبير عن إقرارنا جميعاً بكل مقومات تاريخنا الجماعي، وهويتنا الثقافية الوطنية،التي تشكلت من روافد متعددة، صهرت تاريخنا ونسجت هويتنا، في ارتباط وثيق بوحدة أمتنا، الملتحمة بثوابتها المقدسة، المتمثلة في دينها الإسلامي الحنيف السمح، وفي الذود عن حوزة الوطن ووحدته، وفي الولاء للعرش، والالتفاف حول الجالس عليه، والتعلق بالملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية.
انجازات كبيرة عرفها المغرب في فترة حكم الملك، وبفضل رعايته ورؤيته المتبصرة، حققت المملكة المغربية مراتب متقدمة في مجالات مختلفة ساهمت في تطور البلد وازدهاره، ربع قرن من الابداع والتجديد والاصلاح، ربع قرن من التطور والازدهار والحداثة والتحديث في المجال الثقافي بعنوان المغرب أولا والمغرب دائما.