ثلاثية الارتهان الدولي

ثلاثية الارتهان الدولي: الموارد المعدنية الحرجة بين طموحات الانتقال الأخضر ورهانات السيادة العسكرية.

خولة بجطو*

لم يعد مفهوم القوة في النظام العالمي المعاصر يتأسس على القوة العسكرية الصلبة أو النفوذ الدبلوماسي التقليدي، بل أضحى مرتبطا بشكل كبير بالسيادة المعدنية، ففي سياق السباق نحو الانتقال الأخضر، تحولت المعادن الحرجة من مجرد سلع صناعية إلى القلب النابض للنزاعات الجيوسياسية الحديثة، وبعد الاطلاع على قائمة المعادن الحرجة لعام 2022 تبين أن هذه الموارد تمثل جسرا استراتيجيا يربط بين طموحات أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة عبر عناصر مثل الليثيوم، والكوبالت التي تعتبر موارد ضرورية لتخزين الطاقة، في المقابل تظهر الحاجة الملحة للجاليوم والجرمانيوم نظرا لدورها الحيوي في الصناعة العسكرية.
اليوم التبعية الاقتصادية بمثابة تهديد للقوى الكبرى، خصوصا أن الولايات المتحدة تعتمد على استراد العديد من هذه المواد، لذلك فإن التحكم في سلاسل الامداد بمثابة ذخيرة استراتيجية قادرة على حسم الصراع دون اللجوء إلى القوة.
لتحليل الموضوع لابد لنا من التوقف عند الإطار المفاهيمي للموارد الحرجة، بحيث ينبثق مفهوم المعدن الحرج من تقاطع معقد بين الضرورة التقنية والندرة والهشاشة الجيوسياسية، فوفقا لقانون الطاقة الأمريكي لعام 2020 تعرف المواد الحرجة استنادا إلى المادة 7002 المحال إليها في المادة 3003 من قانون الطاقة الأمريكي بأنها:
أي مادة خام غير أحفورية تتميز بخصائص استراتيجية تجعلها ركيزة أساسية للأمن القومي الاقتصادي، وتصنف كحرجة بناء على معيارين مترابطين:
1- الأهمية الوظيفية: تستند إلى الدور الجوهري للمادة الذي لا يمكن الاستغناء عنه في سلاسل التصنيع المتقدمة.
2- مخاطر التوريد: وجود احتمالية عالية لانقطاع سلاسل الامداد نتيجة الاحتكار الجيوسياسي أو الندرة، مما يجعل عدم القدرة في الوصول إليها سببا في عواقب وخيمة على الدفاع والنمو الاقتصادي .
يعود مصطلح الاتربة إلى القرن الثامن عشر حيث استخدمه الكيميائيون لوصف الأكاسيد المعدنية، وقد أطلقت صفة النادرة ليس بسبب قلة وجودها في القشرة الأرضية، بل صعوبة استخراجها وفصلها حيث توجد بكميات ضئيلة ومتفرقة داخل معادن غير شائعة، وتعتبر سنة 1794 محطة فارقة باكتشاف أول عنصر اليتريوم على يد الكيميائي الفنلندي يوهان غاد ولين .
إن النزاع على الموارد ليس حديث النشأة فمند اكتشاف الصناعة لجأت الدول الى القارة الافريقية من أجل البحث عن الموارد والأسواق، ففي مرحلة الحرب العالمية الثانية كان التركيز منصبا على تأمين المعادن التقليدية كالفولاذ والألمنيوم واليورانيوم والنفط والغاز، بهدف الحفاظ على الوصول للمواد الخام دون انقطاع، وهذا ما يستبعد اليورانيوم من قائمة المواد الحرجة باعتباره ينتمي لعصر الحروب التقليدية.
إن التطور التكنولوجي والانتقال الأخضر غير قواعد اللعبة إذ تعد العناصر الأرضية النادرة مكونا أساسيا في الإنتاج الصناعي الحالي، بما أننا مجتمعات مستهلكة فإن الطلب على هذه الموارد في ارتفاع مستمر، ويرجع السبب في ذلك إلى استخدامها في العديد من المجالات التقنية المتقدمة، مثل توربينات الرياح، والمركبات الكهربائية، وحتى الأسلحة والصواريخ .
تنبثق أهمية البحث في الموارد المعدنية الحرجة باعتبارها العمود الفقري للسياسات الدولية للأسباب التالية: فهي ليست مجرد سلع تجارية بل أضحت الذخيرة الاستراتيجية التي تغذي التحول الطاقي وتحدد موازين التفوق العسكري، فالتطور التكنولوجي والسياسات البيئية والأسلحة الذكية مرهونة لذات العناصر المعدنية مثل الأتربة النادرة والجاليوم مما يخلق صراعا محتدما على سلاسل التوريد التي تسيطر عليها الصين، ولذلك فإن فهم هذا التحول يعد أمرا ضروريا لتفسير كيف تحولت المواد الخام إلى أسلحة قادرة على شل القدرات الدفاعية والطموحات المناخية للدول الكبرى بقرار سياسي غير مدروس.

إشكالية الموضوع:

يحاول الموضوع الإجابة عن إشكالية التناقض الصارخ بين الطموحات الدولية نحو الانتقال الطاقي وبين الواقع الجيوسياسي الذي يفرضه الارتهان المعدني وسيطرة الصين على سلاسل التوريد.
من خلال هذه الإشكالية سوف نحاول الإجابة عن الأسئلة التالية:
إلى أي مدى تعكس قائمة المعادن لعام 2022 مخاوف أمريكا من التبعية لخصومها الجيو-سياسين؟
كيف يؤدي التنافس على معادن البطاريات مثل الليثيوم والنيكل ومعادن التكنولوجيا العسكرية مثل الجاليوم والجرمانيوم إلى إعادة رسم خارطة النزاعات الدولية؟

هل يمكن تحقيق سيادة طاقية في ظل تركز الإنتاج العالمي في يد دول تملك حق الفيتو المعدني على الصناعات الدفاعية والتقنية؟
إن التساؤلات السابقة لا تهدف إلى تفكيك النصوص التشريعية الواردة في قانون الطاقة لعام 2020 بل تسعى إلى رصد التحول الجذري في السياسة الخارجية الأمريكية التي باتت ترى في المعادن الحرجة محددا رئيسيا لموازيين القوى الدولية، فبينما المادة 7002 تحدد الإطار المعياري لتحديد المخاطر الناجمة عن انقطاع سلاسل التوريد، تأتي الاستراتيجية الأمنية لعام 2025 لتعيد رسم خرائط النفوذ بالقارة الافريقية، لتتحول من فضاء للمساعدات الإنسانية إلى ساحة تنافس دولي لانتزاع السيادة المعدنية من يد الجهات المنافسة، وانطلاقا من هذه المقاربة الواقعية المرنة التي تربط بين استقرار سلاسل التوريد وبين تفوق الترسانة العسكرية وجدوى التحول الطاقي.

 المعادن الحرجة بين الهيمنة الجيو سياسية والضرورة التكنولوجيا:

تمثل المعادن ركيزة أساسية للاقتصاد الأمريكي بفضل المساهمة المباشرة في دعم الناتج المحلي الإجمالي عبر مستويات متعددة تشمل قطاعات التعدين والصناعة التحويلية، والتطبيقات التقنية المتقدمة؛ وقد بلغت القيمة الاجمالية للمعادن غير الأحفورية 106 مليار دولار خلال عام 2024، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا القطاع في تعزيز الاستدامة الصناعية وتأمين سلاسل القيمة الوطنية .

وفي هذا السياق نستعرض مضامين قائمة المعادن الحرجة الصادرة عن تقرير سنوي لهيئة المسح الجيولوجي الامريكية، تستعرض أهم المعادن بناء على الأهمية الاقتصادية وخطورة انقطاع سلاسل الامداد، حيث تعتبر مواد مثل Dysprosiumو Neodymium و Terbium عناصر استراتيجية لا غنى عنها في التكنولوجيا الحديثة.

فبالنسبة لمادة بيغ ليوم هي مادة حيوية لمسألة الأمن القومي الأمريكي لأنها أساسية في الفضاء والدفاع، ومادة جرمانيوم أساسية في الدفاع والألياف البصرية، أما بخصوص الطاقة والنقل يعتبر الكوبالت والليثيوم والغرافيت عصب صناعة البطاريات و نيوديميوم مادة ضرورية لصناع المغناطيسات الدائمة المستخدمة في محركات السيارات الكهربائية، وبما أن هذه الموارد نادرة فإن السيطرة على توريدها واحتكار الأسواق تعني التحكم في قطاعات الصحة والذكاء الاصطناعي وكذلك بخصوص التحول الأخضر فإن أي فقدان لسيطرة على مادة أينتموني باعتبارها عنصر حرج لتخزين الطاقة فإن أي نقص في هذه المادة سيعطل الانتقال الطاقي والاقتصاد الأخضر، مما جعل مفهوم الحروب تتغير من امتلاك الأسلحة إلى السيطرة على الموارد إذ تعد السيطرة على سلاسل الامداد كافية لشل قدرة الدولة الخصم.

فقائمة المسح الجيولوجي الأمريكية تكشف أن معادن مثل الجاليوم والنيو ديميوم، والبيريليوم لم تعد مجرد مواد صناعية، بل تحولت إلى ذخيرة إستراتيجية تحدد موازين القوى، فالاعتماد الكلي لقطاعات الدفاع المتطورة الجوية مما يعني مستقبلا أن من يحتكر سوق جرمانيوم يمتلك القدرة على تعطيل التكنولوجيا الدفاعية للخصوم.

كما تضمنت القائمة المعدن الأكثر خطورة والقادر على تحديد مفهوم القوة بالعلاقات الدولية هو الجاليوم والسبب جيوسياسي بامتياز فالصين تسيطر على هذا المعدن بنسبة 90 % من الإنتاج العالمي.
هذا المعدن كان كافيا لجعل الولايات المتحدة تعيد ترتيب أوراقها السياسية تجاه الصين، فعندما فرضت بيكين قيودا على تصديره سنة 2023 أثر القرار سلبا على صناعة الدفاع الأمريكية.

فالجاليوم هو محرك الرادارات والحروب الإلكترونية خصوصا مع رغبة الدول في الانتقال الرقمي، كما يشمل حتى القطاع العسكري حيث أن الدول تنوي اللجوء إلى قواعد عسكرية افتراضية تؤسس لتواجد عسكري سري وغير مرئي، ونظرا لدوره الاستراتيجي يستخدم في الدوائر المتكاملة والأجهزة الضوئية وهو في الحروب المكون الأساسي لصناعة الرادارات في طائرات المقاتلة من طراز F-35، وأنظمة التشويش الإلكتروني، فمن دونه ستصبح القواعد العسكرية صماء عن رصد التهديدات بسبب انقطاع التواصل كما تؤدي السيطرة على النيوميديوم على التحكم في القدرة على توجيه الأسلحة بدقة كبيرة خصوصا دوره الاستراتيجي في صناعة المغناطيسات الدائمة والليزر.

إن تفكيك بقية المعادن الحرجة يكشف أن النزاع الدولي لا يتمحور حول الموارد الطاقية التقليدية كالنفط والغاز، بل يمتد ليشمل السيادة النووية للمجالات الافتراضية خصوصا أن عناصر مثل الروثينيوم، والتيربيوم، هي التي تمنح الدولة القدرة على الصمود في وجه الحروب السيبرانية في حين تظل موارد كالزركونيوم والهيدروفينيوم أساس الأسلحة النووية، ولهذا فإن الاعتماد المطلق على المواد الخام النادرة يحول الخارطة الجيولوجية إلى مسرح لصراع دائم حيث يمثل تأمين معدن تانتاليوم الفرق بين امتلاك جيش ذكي أو جيش تقليدي ضعيف .

ووفقا للقسم 7002 من قانون الطاقة ل 2020 القانون العام رقم 260116 وبناء على هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أصدرت القائمة النهائية للمعادن الحرجة في السجل الفدرالي 1038187FR هذه القائمة جاءت كتعديل لقائمة 2018 لتشمل 50 معدن بدلا من 35 حيث شملت القائمة الحديثة النيكل، والزنك، والبلاتين، والتخلي عن الرينيوم، واليورانيوم.

هذه القائمة تخضع للمراجعة كل ثلاثة سنوات مما يؤكد أهمية المعدن تتحول مع تحول التوجهات ويتغير مع تغير المصالح الاستراتيجية لتواكب التطور التكنولوجي وديناميكية السياسات الدولية .

المعادن الحرجة ودورها في إعادة صياغة توجهات السياسة الخارجية الأمريكية من فرض إلى القيم الى الايمان بإفريقيا كشريك بناء على مبدأ عدم التدخل لاحتواء النفوذ الصيني.

تشهد التوجهات السياسية الخارجة الأمريكية تحولا جذريا تجاه القارة الافريقية، حيث انتقلت من سياسة فرض القيم الليبرالية والتدخل لفرض الأفكار، إلى رؤية عقلانية تضع الموارد في قلب الامن القومي، فوفقا للاستراتيجية الأمنية لسنة2025 لم يعد ينظر إلى إفريقيا كميدان للمساعدة الإنسانية، بل كشريك استراتيجي لا غنى عنه في المنافسة على النفوذ وكسر سيطرة الصين على أسواق الأتربة النادرة.

ويتجلى هذا التغيير في مراجعة الأولويات، إذ تسعى واشنطن إلى استبدال سياسة المساعدات بنموذج الاستثمار المتبادل مع التركيز على تسوية النزاعات الإقليمية كالصراع بين رواندا والكونغو الديمقراطية، لضمان الوصول الى الموارد النادرة، فهذا المسار الجديد يمنح للشركات الأمريكية المنافسة المباشرة على المعادن الضرورية للتكنولوجيا العسكرية والتحول الطاقي، مما يحول افريقيا من ساحة للتجارب السياسية إلى فاعل أساسي في معركة السيطرة على المعادن الحرجة.

وحسب ألكسندر هاملتون ” يجب ألا تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية أبدا على أي قوة خارجية في المكونات الأساسية من المواد الخام الضرورية لدفاع والأمن القومي والاقتصادي كما تسعى الى تأمين الوصول المستقل إلى السلع الضرورية للاستمرار
كقوة، مما يتطلب توسيع فرص الوصول إلى المعادن والموارد الحيوية، ومتابعة سلاسل التوريد والتطورات التكنولوجيا حول العالم من طرف المخابرات الأمريكية لضمان فهم ومعالجة الثغرات والتهديدات التي تؤثر سلبا وكذلك ضمان الوصول المستدام للموارد دون الحاجة إلى الصين أو روسيا .

تعمل الصين على زيادة تعزيز تواجدها الاقتصادي بإفريقيا لضمان إمدادات مستقبلية من الأتربة النادرة لتنفيذ طموحاتها في مجال الطاقة النظيفة والتحول الرقمي.

فمنذ عام 2018 بدأت الصين في استيراد بعض الاتربة الحرجة لتأمين حاجياتها من خلال سياسة الامتيازات الاقتصادية والبنى التحتية مقابل ضمان صلاحيات استكشاف المعادن والموارد، كما ساعدها النهج الدبلوماسي وسياسة عدم التدخل دون فرض شروط سياسية أو قيم تتعارض من خصوصية الشعوب الافريقية التقليدية، مما فرض على الولايات المتحدة تغيير استراتيجية اشتغالها ونظرتها للدول الافريقية من الشريك التابع إلى الشريك المستقل القادر على الدفاع عن قرارته كل هذا لاحتواء هيمنة الصين.

كما أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية مدى هشاشة الاعتماد المفرط على مورد من شريك أحادي حيث تحولت الهيمنة الروسية على سوق الغاز إلى انتكاسة استراتيجية، فمن خلال الاطلاع على الاستراتيجية الأمنية اتضح أن واشنطن تدرك جيدا خطورة التبعية الاقتصادية .

تظهر البيانات الهيمنة الصينية على المعادن الحيوية مثل الجاليوم بنسبة 99% من الإنتاج العالمي والجرافيت الطبيعي 70% من العناصر الأرضية النادرة مما يخلق التبعية الاقتصادية بسبب الاعتماد الكامل للولايات المتحدة الأمريكية لتأمين معادن كالجرافيت، والانديوم، والمنغنيز، والنيوبيوم.
إن قضايا المناخ فرضت الانتقال من استعمال النفط والغاز إلى بدائل نظيفة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، ولهذه الغاية أصبح الطلب على الأتربة النادرة التي أصبحت بمثابة نفط القرن الواحد والعشرين، وهنا تبرز مفارقة كبرى؛ فبينما تضع الولايات المتحدة قضايا المناخ في مقدمة تطلعاتها السياسية تجد نفسها مقيدة بالسيطرة الصينية على المعادن.

فالتعرض الأكبر لمخاطر المناخ خصوصا أن الأصول التعدينية خصوصا النحاس، والليثيوم، معرضان بشكل خاص للإجهاد المائي نظرا للاحتياجات العالمية من المياه، كما أن إنتاج الليثيوم والنحاس يرتكز بمناطق افريقية معرضة للجفاف والفيضانات مما يشكل تحديات أكبر في ضمان الامدادات الموثوقة والمستدامة بينما الحاجة لهذه الموارد فرضتها ضرورة الانتقال الطاقي والحفاظ على الموارد الايكولوجية والتقليل من انبعاث الغازات الدفيئة .

فرضيات مستقبلية:

انتهاء عهد القيم الديمقراطية: تخلص هذه الفرضية إلى أن الغرب لم تعد لديه الرغبة في نشر القيم الديمقراطية، بل أصبحت محكومة بالمنفعة، خصوصا أن نجاح واشنطن في احتواء النفود الصيني مرهون بقدرتها على تقديم نموذج شراكة ينافس النموذج الصيني، عبر اعتبار إفريقيا شريك تجاري قوي خصوصا موقع القارة المطل على جميع سلاسل التوريد البحرية.

التكلفة المزدوجة لقضايا المناخ: هنا نكشف عن التناقض بنيوي في الاستراتيجية الامريكية فبينما تسعى لتكون دولة رائدة في الانتقال الأخضر تصطدم بعقبة معادن يتسبب استخراجها في أضرار بيئية جسيمة تضر بمستقبل الشعوب الافريقية، هذا التناقض قد يؤدي إلى رفض الشعوب الافريقية استنزاف الموارد المائية مقابل رفاهية الغرب، خصوصا أن الغرب يتملص من واجباته في التمويل لمعالجة وتفعيل الاستراتيجيات البيئية بإفريقيا.

السيطرة على المعادن كبديل للردع العسكري: فالسيطرة على المعاد الحرجة تشكل الجيل الجديد من أدوات الردع السياسي، متجاوزة القوة العسكرية التقليدية والتدخل الأمني المباشر، كما أن الارتهان السياسي لصين في بعض المعادن النادرة وفق البيانات يعد ثغرة أمنية تجعل تأمين هذه الموارد قضية وجودية لاستمرارية الهيمنة الأمريكية مما يعني أن سيحسم في مناجم الكونغو و الزيمبابوي قبل أن يحسم في ساحات المعارك.

خلاصة

إننا اليوم أمام فجر عصر جديد لا تقاس فيه القوة بالمكاسب العسكرية بل بالقدرة على تأمين مصادر الطاقة والمعادن التي تحولت إلى عقيدة أمنية صلبة تفرض على الدول مغادرة مربع التبشير بالقيم الليبرالية واستعمال حقوق الانسان كأوراق ضغط، نحو المصالح، إن تحول البوصلة نحو اغريقيا ليس مجرد خيار دبلوماسي بل هو استجابة حتمية لحماية الامن القومي من الارتهان الاقتصادي للقوى المنافسة وضمان بقاء الشركات الأمريكية في قلب سباق التفوق التكنولوجي والانتقال الطاقي والتحول الرقمي، مما يفرض صياغة واقع جديد يربط استقرار مناجم الكونغو بريادة المصانع بتكساس، خصوصا أن من يمتلك المفاتيح لتوريد والسيطرة على الأسواق والطرق البحرية يمتلك حق قيادة النظام الدولي وتنظيم قواعد اللعبة.

*خريجة ماستر العلوم السياسية والدراسات الدولية الرباط

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *