تابعت لجنة الصحافيين والصحافيات من أجل إعلام حر ومستقل، بقلق بالغ، مسار دراسة والمصادقة على مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، معتبرة ما جرى “مهزلة تشريعية” انتهت بالتصويت عليه يوم الإثنين 24 دجنبر 2025، رغم ما يتضمنه، بحسبها، من تعارض صريح مع عدد من فصول الدستور وروح التنظيم الذاتي للمهنة.
وفي بيان للرأي العام، اعتبرت اللجنة، المنبثقة عن “بيان من أجل حل المجلس الوطني للصحافة” الموقع من طرف أزيد من 400 صحافية وصحافي، أن الطريقة التي دُبّر بها هذا المسار التشريعي تعكس نهجاً حكومياً تحكمياً في التعامل مع قطاع الصحافة، وتجاهلاً ممنهجاً لمطالب المهنيين والنقابات والتجمعات الصحافية المستقلة. وسجلت رفضها القاطع لما وصفته بالاستخفاف بمقترحات التعديلات التي تقدمت بها فرق المعارضة، معتبرة أن ذلك يكشف طبيعة “تحالف مصلحي” يواجه الصحافيين والصحافيات بالمغرب.
وأوضحت اللجنة أن هذا التحالف، الذي يضم السلطة التنفيذية وأطرافاً من “صحافة التشهير” ورأسمال متحكم في الإعلام، بات يتصرف باستعلاء تجاه قطاع عبّر عن رفضه لممارسات لا أخلاقية، ولم يعد يصغي، بحسب البيان، لأي صوت إصلاحي داخل الحقل الإعلامي.
واعتبرت أن ما جرى خلال يومي 22 و24 دجنبر الجاري، أبرز فشل محاولات فتح حوار حقيقي مع ما سمته “نخبة إعلامية” تحولت إلى عبء على المهنة، مبرزة في السياق ذاته ما وصفته بالدور الخطير لوزير الشباب والثقافة في الاصطفاف إلى جانب جمعية ناشرين متهمين بالتشهير، مدعومين بالمال وبمراكز نفوذ متعددة.
وفي سياق متصل، توقفت اللجنة عند قرار الغرفة الاستئنافية بالمحكمة الإدارية بالرباط القاضي بتأكيد سحب بطاقة الصحافة لسنة 2025 من الصحافي حميد المهدوي، معتبرة أن القرار جاء رغم خروقات موثقة منسوبة إلى ما يسمى “لجنة الأخلاقيات” التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، وما رافق عملها من سجالات داخلية كشفت، وفق البيان، عن “انحطاط أخلاقي” لدى بعض أعضائها.
واعتبرت اللجنة أن تصويت مجلس المستشارين على مشروع القانون المذكور يشكل “هروباً إلى الأمام”، جرى دون إنصات حقيقي للمهنيين، كما أنه يفتقد لأي قيمة ديمقراطية، بالنظر إلى أن ستة أصوات فقط داخل لجنة برلمانية حسمت في مصير قطاع يضم حوالي 4500 صحافي وصحافية، دون نقاش معمق أو توافق داخل اللجنة المعنية.
وأكد البيان أن ما حدث يعزز الدعوات إلى طي صفحة التنظيم الذاتي في صيغته الحالية، ومعه الجهات المستفيدة منه، مجددة المطالبة بحل المجلس الوطني للصحافة فورا، ووقف كل محاولات إحياء ولاية منتهية أو تنصيب هيئات تفتقر إلى الشرعية المهنية، مع إعادة بناء تنظيم ذاتي قائم على تمثيل حر ومستقل وانتخابات ديمقراطية تقطع مع منطق التعيين وتدخل السلطة التنفيذية.
كما دعت اللجنة إلى إحالة مشروع القانون رقم 026.25 على المحكمة الدستورية، استناداً إلى ملاحظات المهنيين وعدد من المؤسسات الدستورية، معتبرة أنه يسعى إلى إعادة هندسة المشهد الصحافي بما يخدم لوبيات الإشهار ومراكز النفوذ على حساب الصحافيين وتمثيليتهم. وطالبت بوضع حد لتدخل الجهاز التنفيذي في تنظيم المهنة، وحماية حرية الصحافة من آليات الضغط والترهيب، ووقف توظيف المساطر التأديبية والمالية والقضائية لتطويع الصحافيين أو معاقبتهم بسبب آرائهم وخياراتهم المهنية.
وشددت اللجنة على ضرورة فتح تحقيق مستقل فيما جرى داخل لجنة الأخلاقيات، وترتيب الجزاءات القانونية في حق المسؤولين عن الانتهاكات التي طالت حميد المهدوي وغيره من الصحافيين، مع ضمان المساءلة بدل استمرار الإفلات من العقاب، إضافة إلى مواجهة حملات التشهير الممنهجة وتجريم استغلال المنابر الإعلامية في الاغتيال الرمزي والتحريض لفائدة مجموعات المصالح.
وختمت اللجنة بيانها بالإعلان عن عزمها خوض أشكال نضالية تصعيدية دفاعاً عن المهنة وصوناً لكرامة الصحافيات والصحافيين، سيتم الكشف عن تفاصيلها لاحقاً.