قالت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أمس الاثنين بمجلس المستشارين، إن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يؤكد أولوية البعد الاجتماعي والمجالي ويرسخ الدينامية الإصلاحية.
وأوضحت فتاح، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، بحضور الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن مشروع هذا القانون يندرج في إطار تفعيل توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تعزيز التنمية البشرية وتحسين ظروف عيش المواطنين والرفع من جودة السياسات العمومية.
وأضافت أن المشروع يجسد استمرار الحكومة في مباشرة الإصلاحات الكبرى التي تهم مختلف القطاعات الحيوية، مؤكدة أن النتائج المهمة التي تحققت خلال السنوات الأخيرة تشكل قاعدة صلبة لمواصلة هذه الدينامية التنموية.
وأبرزت أن البعد الاجتماعي يقع في صلب أولويات مشروع قانون المالية، من خلال إعطاء أهمية خاصة لقطاعات الصحة والتعليم ودعم القدرة الشرائية، وتفعيل آليات الدعم الاجتماعي المباشر، مشيرة إلى أن الحكومة باشرت إصلاحات عميقة في هذه القطاعات الحيوية.
وفي ما يتعلق بالقطاع الصحي، أوضحت فتاح أن الحكومة حققت تقدما ملحوظا في هذا المجال، إذ يشكل إصلاح القطاع أولوية ملحة بالنظر إلى الطبيعة الحساسة لهذا الورش، مبرزة أن وتيرة العمل الحالية تعد قياسية ومهمة رغم الإكراهات المطروحة.
أما بخصوص قطاع التعليم، فأشارت إلى أن الحكومة ماضية في تنفيذ إصلاحات هيكلية تروم تحسين جودة المنظومة والرفع من مردوديتها، مؤكدة أن نجاح هذه الإصلاحات رهين بالتملك والتفعيل الجماعي والمنسق بين مختلف المتدخلين لهذا الإصلاح.
وفي الجانب المتعلق بالبعد المجالي، أفادت فتاح بأن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة يركز على توجه أساسي يتمثل في جعل البرامج التنموية المندمجة من أولوياته، مضيفة أن من شأن ذلك بلورة نماذج اقتصادية ترابية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل مجال، وتسهم في خلق فرص الشغل وتعزيز التنمية الترابية.
من جهة أخرى، شددت على أن الحكومة أولت أهمية متوازنة لمختلف القطاعات ضمن مشروع قانون المالية، مشيرة إلى أن الميزانيات الفرعية تتضمن حلولا وفرصا مهمة تهم جل المجالات.
من جهته، أكد لقجع أن الحكومة تمكنت، بفضل الإصلاحات المتواصلة، من تحسين مؤشرات المالية العمومية بشكل ملحوظ، موضحا أن المغرب سيتوجه نحو السنة المقبلة بعجز مالي لا يتجاوز 3 في المائة نتيجة تحسين موارد الدولة، وهو مستوى لم يتحقق منذ عقود.
وأبرز أن المؤسسات المالية الدولية تشيد، بشكل متواتر، بصلابة الوضع المالي للمملكة، مؤكدا أن هذا التطور سيمكن من تدبير المرحلة المقبلة بهوامش أوسع وقدرة أكبر على مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية.
كما أشار إلى أن الحكومة واجهت خلال ولايتها عددا من “الطوارئ المكلفة”، من بينها الارتفاع الحاد في أسعار الحبوب عالميا، حيث خصصت 10 ملايير درهم، إضافة إلى اتخاذ إجراءات لدعم أسعار المحروقات حفاظا على كلفة نقل البضائع والأشخاص، فضلا عن تحمل كلفة إضافية في قطاعي الماء والكهرباء بلغت 17 مليار درهم لدعم استقرار الفواتير.
وفيما يخص آليات التمويل المبتكرة، أكد لقجع أن المغرب يتجه نحو اعتماد هذه المقاربة كخيار استراتيجي يروم تنويع مصادر تمويل المشاريع الكبرى، دون الاعتماد على الدين الخارجي التقليدي، بما يعزز استقلالية القرار المالي الوطني ويضمن استدامة التوازنات الماكرو-اقتصادية.
من جهتها، ثمنت فرق الأغلبية بالمجلس مضامين مشروع قانون المالية، معتبرة أنه “مشروع متكامل، لما يتضمنه من تقديرات صائبة وإجراءات من شأنها ضمان مواصلة تنزيل الأوراش الاجتماعية الكبرى وتدعيم الإصلاحات الهيكلية على جميع المستويات.
ونوهت برفع الاعتمادات الموجهة للقطاعات الحيوية، ولا سيما الصحة والتعليم مع الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية، مشيدة بنجاعة التدبير المالي ومواكبة المقاولات، إضافة إلى التقدم المحرز في ورش الإصلاح الجبائي وإرساء قواعد واضحة ومنسجمة مع رؤية متعددة السنوات.
واعتبرت الأغلبية أن مشروع القانون يشكل “مكسبا مهما يمكن من الحفاظ على التوازنات في سياق اقتصادي صعب”، منوهة بمنجزات الحكومة خلال السنوات الأربع، ومشيدة بخفض نسبة العجز التي “ما كانت لتبلغ هذا المستوى لولا التحسن المهم في الموارد الضريبية”.
من جهتها، اعتبرت فرق المعارضة أن مشروع القانون لم يخرج عن التوجهات والرؤى السابقة لقوانين المالية، وأن “أثر الإصلاحات لا يبلغ الطبقة الشغيلة وعموم المواطنين، مسجلة أن المشروع أعد “دون مشاورات مسبقة مع النقابات”.
وأكدت على ضرورة إيلاء اهتمام خاص بفئة المتقاعدين، وإصلاح النظام الضريبي ومراجعة الأجور، وتحقيق نتائج ملموسة على مستوى خلق فرص الشغل وتعزيز التقدم الاجتماعي، داعية إلى “التجاوب مع انتظارات المواطنين، وإيلاء اهتمام خاص لفئة الشباب”.
و م ع