أبرز تقرير مؤشر الجريمة المنظمة العالمي الصادر عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود أن المغرب واصل خلال السنوات الأخيرة تعزيز قدراته في مواجهة الشبكات الإجرامية، محققاً تقدماً ملحوظاً في مؤشر المرونة ضد الجريمة المنظمة بنسبة 0.04 نقطة بين عامي 2021 و2025.
وأوضح التقرير أن المملكة سجلت أداءً أفضل في مكافحة غسل الأموال، بعدما ارتفع تقييمها بنصف نقطة، ما يعكس فاعلية السياسات الوطنية في تتبع مصادر الأموال المشبوهة، وتشديد الرقابة على الأنشطة المالية ذات المخاطر العالية.
وفي سياق عالمي متغير، رصد التقرير تحولات كبرى في الأسواق الإجرامية الدولية، خاصة في تجارة المخدرات، التي تشهد إعادة تشكيل غير مسبوقة نتيجة اضطرابات إنتاج الهيروين في أفغانستان، وارتفاع إمدادات الكوكايين، وتنامي سوق المواد الأفيونية الاصطناعية.
وأشار التقرير إلى أن الكوكايين والمخدرات الاصطناعية أصبحا يسيران بسرعة نحو الهيمنة على السوق العالمي، في حين ما يزال القنب الهندي والهيروين يحتفظان بمكانتهما في مناطق محددة. ويرى معدّو التقرير أن هذه التحولات تبرز قدرة التنظيمات الإجرامية على التكيّف مع التطورات التقنية وتغيّر أذواق المستهلكين، ما يجعل مكافحتها أكثر تعقيداً.
ولفت المصدر ذاته إلى أن إنتاج الكوكايين يبقى مرتبطاً بجغرافيا محددة وكارتلات قوية تسيطر على مسارات التهريب، بينما بات اقتصاد المخدرات الاصطناعية أكثر لامركزية ومرونة، إذ يمكن تصنيعها في معامل صغيرة قريبة من الأسواق الاستهلاكية، مستفيدة من سهولة الحصول على المواد الكيميائية الأولية المتاحة قانونياً.
أما بخصوص القنب الهندي، فأشار التقرير إلى أن الأطر القانونية الجديدة في أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية، والتي تتجه نحو تقنين أو تنظيم الاستهلاك لأغراض غير طبية، أعادت تشكيل سوقه، محدثة تداخلاً بين التجارة القانونية وغير القانونية.
ويؤكد التقرير أن هذا الواقع الجديد يفرض على الدول – ومنها المغرب – تحديث استراتيجياتها الأمنية والرقابية، لأن التنظيم القانوني قد يضعف بعض الأنشطة الإجرامية، لكنه قد يدفع الشبكات غير المشروعة إلى التحول نحو أسواق أكثر خطورة.
وختمت المبادرة تقريرها بالتنبيه إلى أن العالم يقف على مفترق طرق في تعامله مع الاقتصاديات غير المشروعة، محذّرة من أن الجريمة المنظمة تقوّض الديمقراطية وتُضعف سيادة الدول وتهدد الأمن الدولي، داعية الحكومات إلى بناء سياسات مرنة وقادرة على التكيّف مع التغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية المتسارعة.