يخوض المخرج المغربي ياسين فنان مغامرة فنية وإنسانية جديدة من خلال فيلمه الروائي الطويل “النمل”، الذي يتناول واقع المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، والذين وجدوا في المغرب محطة عبور نحو “الحلم الأوروبي” قبل أن تتحول رحلتهم إلى انتظار طويل على حدود الأمل.
ويمتد الفيلم على مدى تسعين دقيقة، يقترب فيها من التفاصيل اليومية لهؤلاء المهاجرين العالقين، مستعرضاً معاناتهم وصراعهم مع الخوف والخذلان، بين رغبة في الوصول وحياة مفروضة بحكم الواقع. يقدم العمل نظرة إنسانية بعيدة عن الصور النمطية، تضع المشاهد أمام قصص حقيقية لأشخاص يعيشون على الهامش، لكنهم متمسكون بالأمل في غدٍ أفضل.
واستوحى ياسين فنان فكرة الفيلم من حادثة شخصية عاشها قبل ست سنوات، حين تعرّف على شابة إفريقية كانت تعمل مربية بعدما فشلت محاولتها لعبور البحر نحو إسبانيا. تحولت قصتها إلى منطلق لكتابة سيناريو يجمع بين التوثيق والخيال، ويعكس تجارب آلاف المهاجرين الذين علقوا بين الحلم الأوروبي وواقع الإقامة القسرية في المغرب.
وتتمحور القصة حول شخصية “فليسيتي”، وهي شابة كاميرونية تركت بلادها طمعاً في مستقبل أفضل، لتجد نفسها في طنجة على أعتاب المجهول. عبر رحلتها، يسلط الفيلم الضوء على العلاقات الإنسانية التي تنشأ بين المهاجرين رغم اختلاف معتقداتهم وثقافاتهم، وعلى قدرتهم على الصمود أمام القسوة والعزلة.
ويشارك في بطولة “النمل” عدد من الأسماء البارزة، منها مريم ندايي، ونادية كوندة، وماجدولين الإدريسي، ومنصور بدري، وسلمى حبيبي، إلى جانب وجوه طنجاوية مثل عبد السلام بونواشة ومصطفى الحوشي، فيما يشهد العمل عودة الفنان هشام السلاوي بعد غياب عن الساحة الفنية.
وأنجز الفيلم بإشراف المنتج محمد الكغاط عن شركة “دون فيلم”، التي تسعى إلى ترسيخ نموذج إنتاجي مغربي حديث يعتمد الاحترافية والانفتاح على القضايا الإنسانية الكبرى.
ويذكر أن من خلال “النمل”، يواصل ياسين فنان مساره السينمائي المنحاز إلى الإنسان في وضعه الهش، مستعملاً الكاميرا كمرآة تعكس وجع المهاجرين وأحلامهم، في رحلة بحث دائمة عن المعنى والكرامة، من المغرب عبوراً نحو الأمل