مشروع قانون جديد لتحديث التعليم الجامعي

قدّم وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عزالدين الميداوي، أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب يوم الأربعاء، عرضا مفصلا حول مشروع القانون الإطار رقم 59.24 المتعلق بإصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، باعتباره محطة مفصلية في مسار تحديث الجامعة المغربية ومواءمتها مع التحولات الوطنية والدولية ومتطلبات النموذج التنموي الجديد.

ويستمد هذا المشروع مرجعيته من التوجيهات الملكية  التي تؤكد على جعل التعليم العالي رافعة أساسية لتحقيق التنمية والعدالة المجالية والاجتماعية، ومن أحكام الدستور التي تنص على تكافؤ الفرص وجودة المرفق العمومي، إلى جانب القوانين المؤطرة للمالية العامة والحكامة الجيدة والمرافق العمومية.

كما يرتكز على خلاصات النموذج التنموي الجديد، والبرنامج الحكومي 2021-2026، وملاحظات وتوصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، فضلا عن تقارير مؤسسات وطنية ودولية.

ويهدف مشروع القانون إلى إرساء نظام متكامل للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار يقوم على التعاقد بين الدولة والجامعات في إطار يضمن الاستقلالية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز تكامل القطاعين العام والخاص في تمويل البحث العلمي والتكوين، وإحداث آليات لتتبع الأداء وجودة التكوينات، إلى جانب الرفع من جودة البحث والابتكار عبر تطوير حكامة الموارد البشرية وإرساء منظومة وطنية لتقييم الأداء وضمان نجاعتها، كما يسعى إلى إرساء نظام معلوماتي موحد لتتبع النتائج وتحسين آليات التخطيط الاستراتيجي.

ويتضمن مشروع القانون الإطار 113 مادة موزعة على 11 بابا، تشمل الأحكام العامة، والتوجهات الأساسية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وحكامة مؤسسات التعليم العالي، والتنظيم البيداغوجي، والنظام الأساسي للموارد البشرية، وضمان الجودة، وحقوق الطلبة، وآليات التمويل، والتقويم والتتبع، وأحكاما انتقالية لتفعيل النصوص التطبيقية.

ويكرس المشروع مبدأ التخطيط الاستراتيجي عبر إعداد مخطط مديري للتعليم العالي، يمكن من مواكبة واستشراف تطور التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وفق مبادئ العدالة المجالية في توزيع العرض الجامعي.

كما تم التنصيص على تصنيف جديد لمؤسسات التعليم العالي إلى مؤسسات ذات النفع العام تخضع لوصاية الدولة، ومؤسسات غير تابعة لها تشمل الجامعات الأجنبية والمؤسسات الخاصة المعترف بها، مع توحيد مسطرة الإحداث وتعزيز الاستقلالية الإدارية والمالية للمؤسسات الجامعية وفق معايير الجودة والمراقبة.

ويؤسس المشروع لنموذج جديد للحكامة عبر إحداث مجلس الأمناء كآلية استراتيجية لتوحيد الرؤية وضمان التنسيق بين مختلف المستويات الوطنية والجهوية، ومراجعة تركيبة مجالس الجامعات لتوسيع تمثيليتها لتشمل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وربط مهام الرئاسة بآليات تقييم الأداء والمساءلة.

أما على المستوى البيداغوجي، فقد اعتمد المشروع هندسة لغوية متعددة تراعي اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية مع الانفتاح على اللغات الأجنبية، وإدماج التكوين المستمر في المنظومة الجامعية وتوسيع فرص التعلم مدى الحياة، وتمكين الطلبة من الحركية الأكاديمية الوطنية والدولية عبر مأسسة التكوين بالتناوب وتثمين الكفاءات المكتسبة.

ويمثل مشروع القانون الإطار رقم 59.24 خطوة إصلاحية شاملة لتجديد هوية الجامعة المغربية، وجعلها مؤسسة منتجة للمعرفة ومنفتحة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي، وقادرة على المساهمة في بناء اقتصاد وطني قائم على الابتكار والبحث العلمي، بما ينسجم مع متطلبات التنمية المستدامة ومبادئ العدالة المجالية والمساواة في الولوج إلى التعليم العالي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *