خبير اقتصادي لبلبريس: 140 مليار درهم لن تحل أزمة الصحة والتعليم

اعتبر الخبير الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري، في تصريح خاص لجريدة بلبريس الإلكترونية، أن تخصيص 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم في مشروع قانون المالية 2026، رغم أهميته، يبقى غير كاف لحل الإشكاليات البنيوية التي تعاني منها هذه القطاعات الحيوية.

وأوضح ساري أن “هذا التخصيص الكبير يُفهم كاستجابة لمطالب جيل الشباب واحتجاجات جيل زد. لكنه، برأيي، لا يكفي وحده. ففتح مراكز استشفائية جامعية جديدة، وتأهيل عشرات المستشفيات، وإعادة تهيئة أخرى، يظل بلا أثر ما لم تُحسَّن الحكامة والموارد البشرية والتخطيط”.

وكشف الخبير الاقتصادي عن أرقام صادمة تعكس عدم نجاعة الإنفاق العمومي، مشيرا إلى أنه “منذ 2015 إلى 2025، انتقلت ميزانية الصحة من 13 مليار و600 مليون درهم إلى 32 مليار و600 مليون درهم، فيما انتقلت ميزانية التعليم من 42 مليار إلى أكثر من 80 مليار درهم، دون أن ينعكس ذلك على جودة الخدمات رغم عدم تسجيل نمو ديمغرافي كبير بحسب إحصاء 2024. المشكلة أعمق من ضخ الأموال”.

وشدد رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة على أن “المعضلة في التدبير: غياب أطر تمريضية وطبية في مؤسسات عدة، أجهزة متوفرة بلا من يشغّلها، تناوب غير منتظم للأطباء في بعض المراكز، وتعقيدات إدارية تعيق الخدمة خصوصا في القرى والجبال والمناطق الهشة. يحدث أن تُرصد اعتمادات لمؤسسة ما ثم لا تصل التجهيزات فعليا، وهذا يكشف أن الخلل يتجاوز حجم الميزانية”.

وانتقد ساري النهج الحكومي القائم على استعراض الأرقام، مؤكدا أن “سلوك الحكومة هو اللعب على الأرقام الكبيرة واستعراضها ظنا أنها ستحل المشكل، وعشنا هذا الوضع أربع سنوات دون تغيير فعلي. التعليم يحتاج إلى أطر كفؤة وتكوين جيد للأساتذة وتحسين شروط العمل، والصحة تحتاج إلى تحفيز الكفاءات الطبية وضمان استقرارها وتوزيعها العادل”.

ولم يخف الخبير الاقتصادي انتقاده لآليات الاستهداف الاجتماعي، متسائلا بنبرة استنكارية: “هل من المعقول ألا يستفيد شخص من الدعم لأنه يتوفر على رصيد في هاتفه النقال؟ أنظمة الاستهداف يجب أن تقوم على معايير منصفة لا على إجراءات شكلية قد تُقصي مستحقين”.

وخلص ساري إلى أن “النهج القائم على استعراض الأرقام لا يعالج جوهر المشكل. الحلول تكمن في نصوص تنظيمية واضحة ومطبقة، مساطر إدارية مبسطة، حكامة صارمة، ترشيد النفقات، مراقبة دائمة، وسلاسل إمداد دوائية فعالة حتى لا تنتهي صلاحية الأدوية في المخازن. كما أن تأهيل العنصر البشري وتوفير ظروف عمل لائقة للأطباء والممرضين أساس لنجاعة أي إصلاح”.

وختم تصريحه لبلبريس بالتأكيد على أن “الموضوع اجتماعي قبل أن يكون اقتصاديا. الغاية أن يلمس المواطن أثر المؤشرات الإيجابية في واقعه اليومي. الانسجام مع توجهات النموذج التنموي يتطلب أن تُترجم الموارد إلى خدمات ذات جودة، وأن تتحول الوعود إلى نتائج محسوسة في المدرسة والمستشفى. يجب أن يعيش المغاربة الرفاهية فعليا وليس في الخطابات فقط”.

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *