تواصل لجنة مكونة من دكاترة وأساتذة أطباء، تابعة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالبيضاء، الاستماع إلى عاملين بقسم الأمراض الباطنية بمستشفى عبد الرحيم الهاروشي، التابع للمركز نفسه، بعد صدور اتهامات عن الاتجار في دماء «أطفال زهريين».
وأبرزت يومية «الصباح»، في عددها الصادر ليوم الخميس 9 أكتوبر 2025، أن اللجنة تحركت بتعليمات من الإدارة العامة للمركز الاستشفائي، حسب مصادر مطلعة، مباشرة بعد نشر شريط مصور على صفحة لمواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، يتحدث فيها طبيب بالصوت والصورة عن عمليات وصفت بالخطِرة، بعد اتهامه أشخاصا بقسم الأمراض الباطنية بـ«الاحتفاظ بمنشفات عليها بقع دم أطفال يتميزون بصفات معينة».
وأوضحت اليومية، في مقالها، أنه، وحسب الشروحات التي قدمها الطبيب، فإن المتهمين قد تكون لهم علاقة بأعمال شعوذة، أو ما يسمى بعمليات البحث عن الكنوز في باطن الأرض، إذ عادة ما يلجأ الفقهاء إلى دماء أطفال بمواصفات خاصة (العيون، وراحة الأيدي)، لاستعمالها في التعاويذ ومناداة الجن، وتطويعهم للكشف عن الأسرار، أو هكذا يعتقدون، مضيفة أن المنشفات (كومبريس)، التي تستعمل لتنظيف الدم خلال العمليات الجراحية الخاصة بالأطفال «الزهريين»، تختفي مباشرة، وتوجه إلى جهة غير معلومة.
وأضاف مقال «الصباح» أن طلب الطبيب، في الشريط المصور نفسه، من مسؤولي وزارة الصحة التأكد من هذه المعطيات، عبر بحث في الملفات الطبية للأطفال في السنوات الأخيرة، مؤكدا أن الخروقات لا تطول هذا الجانب فقط، بل جوانب أخرى تتعلق بالتحايل على عمليات جراحية، أو إجراء عمليات بنسبة ضعيفة من النجاح، مبينا أن الجريدة ربطت الاتصال بسعيد سالمي، مدير مستشفى الأطفال، للتأكد من صحة فتح تحقيق في بعض الخروقات والاتهامات التي تحدث عنها الطبيب، لكنه رفض التجاوب مع الطلب، قائلا: «إلى بغيتي شي حاجة جي عندي، أنا في اجتماع دابا».
وأشارت اليومية إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الطبيب أحمد جرمومي، الطبيب المقيم المتخصص في طب العظام والمفاصل، عما يسميها فضائح قسم الأمراض الباطنية، حتى قبل انفجار فضيحة مستشفى الحسن الثاني بأكادير، مبينة أن الطبيب فاضح الفساد يعتمد على التسجيل صوتا وصورة في أشرطة قصيرة، تتعرض لعدد من المواضيع، تحمل كلها عناوين التسيب والفوضى التي تعرفها هذه المؤسسة الصحية التي تحمل اسم واحد من أعلام المغرب في المجال الطبي.
وما زال الطبيب المعني يتحدث عن بيئة العمل بأنها أصبحت «سامة بكل المقاييس» ، إذ يغيب التأطير العلمي والتدريس البيداغوجي، وتتحول الاجتماعات الطبية المفترض أن تكون فرصة للتكوين وتبادل الخبرات، إلى ساحات للإهانات والضغط النفسي المستمر على الأطباء، سرعت برحيلهم، حيث تكشف الإحصاءات التي نشرها الطبيب أنه، من نهاية 2020 إلى 2025، تم الإعلان عن 36 منصبا في مباراة الإقامة لتخصص جراحة الأطفال، غير أن المصلحة لم تحتفظ سوى بستة أطباء مقيمين فقط، في ظل أجواء مليئة بالضغط والإهانات، ما اضطر البعض لتغيير التخصص، أو المدينة، أو مغادرة البلاد.