الخطاب الملكي المرتقب..قد يكون ”قاسيا” على الحكومة والأحزاب

تتجه الأنظار اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 نحو قبة البرلمان، حيث سيُوجّه جلالة الملك محمد السادس خطابًا ساميًا بمناسبة افتتاح آخر دورة تشريعية خريفية من ولاية حكومة اخنوش، خطاب من المنتظر ان يكون استثنائيا في شكله ومضمونه، لأن شروط إنتاجه استثنائية فرضتها احتجاجات “جيل Z” التي كادت أن تعصف بكل شيئ بالبلاد، وأساءت كثيرا لصورتها، واستغلها ”أعداء ”الوطن في الداخل والخارج لتشويه صورة المغرب الامة – الدولة.

لذلك ،ينتظر الراي العام الوطني أن يكون الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الخريفية مفصليا وتاريخيا ،تفاعلا مع الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها المغرب، يجسد لحظة دقيقة من تازيخ المغرب الحديث بحمولات رمزية ودلالية عميقة، تدعو الجميع  من حكومة و احزاب واعلام و نخب ومواطنين تحمل المسؤولية بروح عالية من قيم الوطنية والمواطنة، وبكثير من الوعي بحساسية المرحلة وتحدياتها، لرسم معالم عقد اجتماعي جديد يعيد تصحيح المسار،ويجعل المواطن المغربي في عمق كل تنمية بعد أن فضحت احتجاجات “جيل Z” محدودية نمط السياسات العمومية المتبعة في عهد الولاية الحكومية الحالية.

يتزامن الخطاب الملكي  الذي سيلقيه صاحب الجلالة اليوم  مع محطة أساسية لإعادة ترتيب الأولويات في ظل احتجاجات يقودها جيل جديد يعلن” موت” الوسائط التقليدية من أحزاب ونقابات، لكونها أصبحت عاجزة عن ضمان شروط العيش الكريم من تعليم صحة وشغل لهذا الجيل ،وعاجزة عن كيفية التواصل معه ، وفهم عقليته وتفكيره.

وأكيد ان شروط انتاج الخطاب الملكي بالبرلمان ستكون حاضرة في شكله ومضمونه، نظرا لأن أي خطاب هو نتيجة شروط إنتاجه، وهو ما ينطبق على شكل ومضمون الخطاب الملكي بالبرلمان اليوم،   بكونه نتيجة شروط انتاجه مأزومة ومقلقة.

لذلك ، من المنتظر أن يعيد الخطاب الملكي تحديد استراتيجية ترتيب الأولويات لاجندات الحكومة في مشروع قانون المالية لهذه السنة  في ظل جيل جديد من الاحتجاجات والمطالب غير المسبوقة بالبلاد .

د. ميلود بلقاضي

-الخطاب الملكي لحظة نقد وتقييم للسياسات العمومية والمؤسساتية

ينتظر الراي العام بأن يكون شكل ومضمون الخطاب الملكي لهذا الدخول البرلماني مغايرا لباقي الخطابات الملكية في افتتاح الدورات الخريفية للبرلمان، لأنه من المرجع أن يكون الخطاب الملكي لهذه السنة خطابا قاسيا بلغة ذات نبرة نقدية قوية تجاه العمل الحكومي والأحزاب السياسية والبرلمانيين على حدّ سواء، في انسجام تام مع الرؤية الملكية الثابتة التي تعتبر التقييم والمساءلة جوهر الحكامة الجيدة كما ينص على ذلك دستور المملكة،

ويرجح أن يذكر جلالة الملك في خطاب اليوم  أعضاء الحكومة ونواب ومستشاري البرلمان بمجلسيه، بأن الأوضاع العامة الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد، خصوصا بالنسبة للتعليم والصحة والشغل لا تليق بمغرب اليوم، هذه الاوضاع المزرية  في القطاعات السابقة الذكر هي مضامين شعارات احتجاجات  “جيل Z” المطالبة بمحاربة الفساد وتوفير العيش الكريم للمواطن المغربي الذي قهره الغلاء ،ومحاسبة الحكومة والمسؤولين.

لذلك، يحتمل أن يذكر الخطاب الملكي اليوم بالبرلمان الجميع بأن التغيير لا يتم بالشعارات وبالوعود وبالخطابات، بل بالانجازات والافعال على الواقع  عبر اتخاذ قرارات فعلية تغير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي للمواطن، بهدف إعادة الاعتبار للزمن التشريعي وتعزيز المردودية السياسية للمؤسسات المنتخبة، التي فقد المواطن ثقته فيها منذ سنوات، وعليه ينتظر أن يطالب الخطاب الملكي الربط بين المسؤولية والمحاسبة.

-دعوة الخطاب الملكي لثورة تنموية مستدامة مندمجة تضع الانسان في صلب معادلتها.

أمام سقف ونوعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي رفعت في احتجاجات “جيل Z”، ينتظر كذلك أن يدعو الخطاب الملكي الحكومة نهج تعاقد اقتصادي اجتماعي جديد يعيد ثقة المواطن في السياسة والمؤسسات، تعاقد مبني على مقاربة سو-سيو اقتصادية فعالة تتجاوز الاعطاب البنيوية التي تعاني منها السياسات العمومية بالبلاد، محملا الحكومة – في نفس الوقت- تواضع أدائها في تنزيل أسس الدولة الاجتماعية والعدالة المجالية والاجتماعية خصوصا بالنسبة للمجالات الاجتماعية : الصحة ، التعليم ،الشغل.هذه المجالات التي تنخرها البيروقراطية والزبونبة والفساد والوساطة.

لذلك، يفترض أن يركز الخطاب الملكي على ضرورة خلق دينامية استثمارية جديدة، قوامها تبسيط المساطر وتحرير المبادرة الخاصة، وتوفير مناخ التنافس الشريف، وتسريع تنزيل ميثاق الاستثمار الجديد، وتوجيهه نحو القطاعات المنتجة لا الريعية،ومن هذه المنطلقات سيطالب الخطاب الملكي الأحزاب السياسية القيام بأدوارها الدستورية، وإعادة الاعتبار للفعل الانتخابي والسياسي.

وعليه، من المنتظر ان يوجه جلالة الملك خطابا قاسيا إلى الحكومة والي النخب السياسية، مطالبا السلطة التنفيذية بإنجاز مشاريع اجتماعية جريئة وصارمة تضع حدا لفشل الخدمات العمومية في مجالي الصحة والتعليم،محاربة الفساد ،مشددا على فتح تحقيقات واسعة على مستوي التقصير في المسؤوليات لبعض الوزراء تنتهي بإعفائهم على غرار ما وقع في مشروع منارة المتوسط بالحسيمة، ليؤكد جلالة الملك بان زمن التسيب والتقصير في المسؤوليات قد انتهى.

لذلك من المرتقب ان يذكرنا شكل ومضمون الخطاب الملكي اليوم في افتتاح الدورة الخريفية بشكل ومضمون خطاب مناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتولي جلالة الملك الحكم الذي وجه فيه جلالته انتقادا لاذعا للمؤسسات الإدارية والنخبة السياسية في البلاد، مؤكدا جلالته في إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها عن القيام بدورها زاد من تأزيم الأوضاع، ووضَعَ القواتِ الأمنية في مواجهة المواطنين.

ودعا الملك محمد السادس حينها إلى تطبيق الدستور وآليات المحاسبة على كافة المسؤولين بلا استثناء وفي جميع مناطق المغرب، مؤكدا جلالته أنه لا يوجد فرق في نظر القانون بين المسؤول والمواطن، وأكد أنه لا مجال للتهرب من المسؤولية، وأوضح أن الصراع الحزبي بلغ حد الإضرار بالصالح العام.

وقال إنه عندما لا تسير الأمور كما ينبغي يتم الاختباء خلف القصر الملكي، معبرا عن صدمته من تواضع الإنجازات في بعض القطاعات.

وأشار ملك البلاد  إلى أن بعض السياسيين انحرفوا بالسياسة، كما أن المواطن لم يعد يثق بهم، وخاطب المسؤولين بقوله إما ”أن تقوموا بمسؤولياتكم أو تنسحبوا. موضحا أنه على كل مسؤول ممارسة صلاحياته دون انتظار من أحد”، واعتبر أنه “دون تغيير العقليات ودون اختيار الأحزاب للنخب لن نحقق عيشا كريما”، مشددا على أنه “لن يسمح بأي عرقلة لعمل المؤسسات”، كما اعتبر أن أي تعطيل لمشروع تنموي لأسباب سياسية يعد خيانة.

وأكد جلالته  على أنه يجب ربط المسؤولية بالمحاسبة، وأنه يجب إقالة أي مسؤول إذا ثبت في حقه أي إخلال، كما أكد أنه غير متشائم، ولكنه يقول الحقيقة وإن كانت قاسية.

لكل هذه الأسباب، سيكون الخطاب الملكي المرتقب اليوم خطاب مكاشفة ونقد وتوجيه وبعث رسائل لمن يهمهم الأمر، خصوصا إلى الأحزاب السياسية، بأنها بحاجة ماسّة إلى ضخّ دماء جديدة لتطوير أدائها، باستقطاب نُخب جديدة وتعبئة الشباب للانخراط في العمَل السياسي.

ويبدو أنَّ ما قد سيدفع جلالة الملك لدعوة الأحزاب السياسية إلى استقطاب نخب جديدة هو فشلها اليوم في القيام بدور الوساطة بين الدولة والمجتمع. وقد تجلّى ذلك الفشل بوضوح خلال احتجاجات “جيل Z” التي عرفها المغرب في الآونة الأخيرة، حيث ظلّ دور الأحزاب السياسية شبْه غائب; وكأنها غير معنية بما يحدث ،بل حتى تلك الأحزاب التي تحركت فإنها بقيت في إطار تصفية الحسابات مع الحكومة في شخص عزيز أخنوش.

لذى ، خطاب صاحب الجلالة اليوم بالبرلمان سيكون خطاب الصرامة والنقد واقتراح الحلول للخروج من وضعية اجتماعية واقتصادية صعبة على المواطن البسيط كما عودنا بذلك جلالته في خطاباته السابقة لوضع حد لقضية المغرب يسير بسرعتين، ،بعيدا عن ما يتردد عن إسقاط الحكومة او حل البرلمان -والله اعلم- وكما عودنا جلالته فكل قرار يتخذه يكون في مصلحة شعبه الذي تربطه به عقد البيعة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *