باشرت لجان مركزية تابعة للإدارة الترابية جولات ميدانية إلى عدد من الجماعات المحلية، بهدف تتبع مدى تقدم المجالس المنتخبة في تنزيل برامج العمل التي تم اعتمادها مع بداية الولاية الانتخابية الجارية. هذه الخطوة تأتي في ظل تقارير أولية تشير إلى أن نسب الإنجاز في الغالب لم تتجاوز 50 في المائة، ما يثير مخاوف من تعثر تحقيق الأهداف التنموية المعلنة، ويدفع إلى التساؤل حول جدية تنفيذ التزامات بداية الولاية.
الزيارات التفقدية جاءت بالتزامن مع المصادقة على جداول أعمال دورات أكتوبر لمجالس الجهات، حيث انتهز عدد من الولاة هذه الفرصة لتوجيه ملاحظات صارمة وتنبيهات لرؤساء المجالس، محذرين من مخاطر استمرار تهميش عدد من الجماعات، خصوصًا تلك المستبعدة من الشراكات والاتفاقيات، والتي لم تُخصَّص لها أي اعتمادات مالية في البرامج الجهوية، على الرغم من وضعها الاقتصادي الهش واعتمادها الكبير على ميزانيات الدعم الإقليمي والجهوي.
ولم تقتصر الملاحظات على المجالس الجهوية فقط، بل طالت أيضًا الجماعات المحلية، التي تلقى عدد من رؤسائها مراسلات وتنبيهات من العمال، بناءً على شكايات من أعضاء مستائين من تدبير الشأن المحلي، وما يشوبه من اختلالات، أبرزها سوء التسيير وغياب التنسيق والعرقلة المستمرة للسير العادي للمرافق العمومية، وهو ما انعكس سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وقد توصلت جريدة “الصباح” بنسخ من بيانات استنكارية صادرة عن عدد من أعضاء المجالس، أعربوا فيها عن تذمرهم الشديد من الأوضاع الراهنة، مؤكدين أن الجهود المبذولة من طرف سلطات الوصاية لإيجاد حلول فعلية وتوفير بيئة عمل مناسبة لم تُقابل بالتجاوب الكافي، بسبب تعنت بعض الرؤساء وميلهم إلى اتخاذ قرارات انفرادية، بعيدًا عن مبدأ التشاور والتشاركية في التدبير، ما أدى إلى انسداد آفاق التواصل، وتوقف شبه كلي لعجلة التنمية المحلية، وإخفاق واضح في تلبية تطلعات المواطنين.
في هذا السياق، وجه العمال تحذيرات مباشرة إلى الرؤساء، من مغبة الاستمرار في تجاهل التزاماتهم القانونية، خصوصًا ما يتعلق بعدم احترام مضامين برامج العمل التي تعتبر مرجعية أساسية في برمجة المشاريع ذات الأولوية والأنشطة التنموية، التي تهدف إلى تعزيز خدمات القرب وتحسين ظروف عيش الساكنة. وتم التأكيد على ضرورة تنفيذ المشاريع المدرجة ضمن البرامج المسطرة، خلال ما تبقى من عمر الولاية الانتخابية، في إطار مقاربة تشاركية تراعي النوع الاجتماعي، والبعد البيئي، ومبادئ التنمية المستدامة، مع الالتزام بالإطار القانوني والتنظيمي المعتمد، والمناهج التي تم تحديدها منذ السنة الأولى من الولاية.
وذكّر العمال رؤساء المجالس بقيمة برامج العمل، باعتبارها وثائق يتم إعدادها بناءً على آليات الحوار والتشاور، وفق مقاربة تشاركية تتيح انخراط المواطنين ومختلف الهيآت الاجتماعية والاقتصادية والمهنية في بلورة توجهات التنمية المحلية، انطلاقًا من تحليل دقيق للتشخيص، وتقديم اقتراحات عملية مبنية على الحاجيات الحقيقية للمجالات الترابية.
من جهة أخرى، رصدت مصالح الإدارة الترابية على المستوى الإقليمي، العديد من الاختلالات في عملية إعداد هذه البرامج، لا سيما في ما يتعلق بضعف التشخيص الواقعي للاحتياجات والإمكانيات، وسوء تحديد الأولويات، إلى جانب غياب التقديرات الدقيقة للموارد المتاحة والنفقات المتوقعة. كما أظهرت المعطيات المسجلة وجود أعطاب بنيوية على مستوى منظومات التتبع والتقييم، ما يُضعف من قدرة المجالس على ضمان تنفيذ فعال وشفاف لمشاريعها المعلنة.