أكدت المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، فاطمة الزهراء المنصوري، أن مطالب حراك الجيل الجديد في مواقع التواصل الاجتماعي والشارع مشروعة وتعبر عن الواقع المر للمغاربة مشددة على ضرورة الإنصات لها، وفق تعبيرها.
وقالت المنصوري، في كلمة لها خلال اجتماع القيادة الجماعية، يوم أمس الثلاثاء، مع المكتب الوطني الجديد لشبيبة الحزب لمناقشة الأوضاع الراهنة: “لو كنا قد نجحنا بالفعل، لما كنا اليوم نسمع هذه الأصوات في الشارع وفي مواقع التواصل الاجتماعي، ولما استمر هذا الغضب، لكن بالمقابل فإن بلادنا نجحت في بعض المحطات، فلا يمكننا، نحن الذين وُلدنا في السبعينيات، أن نزعم أن مغرب سنة 2025 هو نفسه مغرب الثمانينيات أو التسعينيات، ومن يرفض الاعتراف بهذا الواقع فذلك ينم عن سوء نية. لكن هذا لا يعني أنه ليست هناك مشاكل، بل هناك مشاكل حقيقية”.
وزادت قائلة موجهة كلامها لشبيبة الأصالة والمعاصرة: “لم نجتمع بكم خوفاً بل لأنكم مغاربة مثلنا لكم نفس الحقوق والواجبات، احتجاجكم مشروع، لكننا نريده أن يكون منظماً، حتى نتمكن من التحاور معكم، والاحتجاجات في حد ذاتها تعكس حيوية وديمقراطية. الطموح يتجدد مع كل خطوة تنمية، لكننا مستعدون لأن يحاسبنا الشعب، إن أراد أن يعاقبنا بعدم التصويت لنا غداً، فنحن مستعدون، ولسنا مثاليين، ارتكبنا أخطاء، وسنظل نخطئ، لكن المهم أن نصحح الأخطاء. هذا هو جوهر التجربة الديمقراطية وقوتنا في وحدتنا وتضامننا وفي تمسكنا بالمؤسسات”.
وتابعت: “لم ننجح بنسبة 100 والدليل أن الشباب ما زالوا يصرخون في الشوارع. لكننا دخلنا المعترك السياسي وحاولنا أن نغير المسار كما أن مجموعة من الشباب تحمّلوا المسؤولية ونجحوا كرؤساء جماعات ومنتخبين، وقدموا نتائج رائعة، في المقابل، هناك لوبيات بمصالح شخصية تحاول تشويه كل من له مصداقية في هذا البلد، فأنا شخصياً تعرضت لحملات، لكنني أقولها بوضوح هناك مؤسسات رقابية ومفتشيات والمجلس الأعلى للحسابات، ومن يملك دليلاً على فساد أو استغلال لمنصبي فليذهب بي إلى المحكمة”.
وأقرت المسؤولة الحزبية بأن “المغرب يعرف مشاكل حقيقية، خصوصاً في قطاع الصحة، حيث تردها يومياً مطالب وشكاوى مرتبطة بالخدمات الصحية، وقالت بهذا الخصوص: “المغاربة يعانون في قطاع الصحة، لكن لا أعتقد أن الحكومة هي السبب المباشر، فالمشاكل قديمة ومتجذرة منذ السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات”.
وأضافت: “أنا أدبر الشأن المحلي، وأترأس جماعة، وأتلقى يومياً في مكتبي مطالب مرتبطة بالصحة. لقد أدركنا أن المغاربة يعانون في هذا القطاع، ولكن هل الحكومة هي السبب المباشر في هذه المشاكل؟ لا أعتقد. هذه مشاكل قديمة فالواقع أن المستشفيات كما نعرفها منذ السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات ما زالت هي نفسها تقريباً. كبرنا ونحن لا نعرف معنى الخدمات الصحية الحديثة، بل كنا نسمع عنها فقط في الخارج. واليوم نسعى لأن يكون لدينا 12 مركزاً جامعياً استشفائياً، لكن تبقى إشكالية الموارد البشرية قائمة”.
وتابعت: “الواقع أن المغرب يحتاج حالياً إلى 30 ألف طبيب إضافي. هل يمكن أن نحقق هذا العدد بين عشية وضحاها؟ قطعاً لا. لا يمكن أن نكذب على المغاربة ونقول: “سنحل أزمة الصحة غداً.” لم أكذب يوماً على المغاربة ولن أفعل. إذا كان لابد أن أغادر الحكومة فسأفعل، لكن دون أن أخدع الناس، فإنتاج 30 ألف طبيب لا يمكن في عام أو عامين، ولا حتى في ولاية حكومية واحدة. هذا أمر يحتاج إلى وقت طويل”.
وأوضحت أن الحكومة جاءت بآلية التأمين الصحي الإجباري (AMO) كخطوة نحو العدالة الاجتماعية، بعد أن كان العلاج في السابق حكراً على من يملك الإمكانيات، وفق تعبيرها، لكنها أقرت بأن المنظومة الصحية ما زالت تعاني بقولها: “نحن واعون بالمشاكل، والدليل هو صدور عدة مراسيم وقوانين في هذا المجال استجابةً للتوجيهات الملكية”.
وأضافت: “في الماضي كان المغرب يعاني إشكال حقيقي للعدالة الاجتماعية فمن يملك المال يتعالج، ومن لا يملك لا يستفيد، أما اليوم، التأمين الصحي مكّن الجميع من حق الولوج إلى العلاج، لكن ما زالت هناك مشاكل في قطاع الصحة ونحن كحكومة واعون بها، والدليل هو المراسيم والقوانين التي صادقنا عليها، استجابةً للتوجيهات الملكية الداعية دوماً إلى إعطاء الأولوية للقطاعات الاجتماعية، وعلى رأسها التعليم والصحة”.
وفي معرض حديثها عن الديمقراطية، شددت المسؤولة على أن الاحتجاجات الحالية ليست مقلقة، بل دليل على “نضج ديمقراطي”، وأضافت: “في وقت مضى كانت كلمة السياسة تخيفنا، أما اليوم فقد أصبحنا نتداولها بحرية والديمقراطية خيار المغاربة، وهو خيار صعب دُفع ثمنه بالاعتقال والاختفاء وحتى التهديد”.
واعتبرت أن الشباب الغاضب الذي يرفض المؤسسات والأحزاب السياسية يطرح تحدياً حقيقياً، داعيةً إياهم إلى تقديم بديل إذا رفضوا المسار السياسي الحالي بالقول: “إما أن نرفض الأحزاب والانتخابات كلياً، وإما أن نعترف بها ككيانات بشرية فيها الصالح والطالح. نحن اخترنا الدخول إلى اللعبة السياسية لمحاولة التغيير من الداخل”.
وفي هذا السياق، أشارت وزيرة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة إلى أن “السؤال المطروح حاليا هو كيفية إقناع جيل جديداً بالحزب والمشروع وموطن الفشل في إقناع إقناع شباب آخرين أصبحوا ناقمين على المؤسسات والانتخابات والأحزاب السياسية، وفق تعبيرها.
وأكملت: “أمامنا خياران، إما أن نرفض الأحزاب السياسية كلياً، فنلغي معها الانتخابات والحكومة، وحينها يجب أن نأتي بنموذج بديل، أو نحتفظ بالأحزاب، ونتعامل معها باعتبارها كياناً بشرياً مثل الأسرة فيها الصالح والطالح والكفء والضعيف والنزيه والفاسد”.