عيّن الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان القوات المسلحة الملكية، أمس الاثنين اللواء عبد الله بوطريك مديرا عاما للمديرية العامة لأمن أنظمة المعلومات (DGSSI)، في خطوة تؤكد الاهتمام المتزايد الذي توليه المملكة للأمن السيبراني باعتباره رهانا استراتيجيا في مسار الانتقال الرقمي.
المديرية العامة لأمن أنظمة المعلومات، التي تأسست سنة 2011 بمرسوم حكومي وألحقت بالوزارة المنتدبة المكلفة بالدفاع الوطني، تضطلع بدور محوري في حماية الفضاء السيبراني الوطني.
وقد جرى تقسيمها إلى أربع مديريات رئيسية، اشتغل اللواء بوطريك في بعضها، ما مكنه من تراكم تجربة مؤسساتية ومعرفة دقيقة ببنية الجهاز ومهامه.
المسار الأكاديمي والعسكري للرجل يعكس هذا الجمع بين البعد النظري والتطبيقي. فهو مهندس متخرج من المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي (INSEA) وخريج الأكاديمية العسكرية الملكية بمكناس (دفعة 1987)، كما حصل على دبلومات عليا من دورة الأركان ودورة الدفاع العالي، إضافة إلى ماجستير في الأمن والدفاع من الكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا.
وقد شغل عدة مناصب قيادية، من بينها مدير المساعدة والتدريب والمراقبة والخبرة في DGSSI، قبل أن يُعين نائباً لمفتش الاتصالات في القوات المسلحة الملكية.
ويأتي هذا التعيين في ظرفية دقيقة، بعدما تعرضت بعض المؤسسات الحيوية في المملكة لهجمات سيبرانية، وظهرت حسابات مجهولة أحدثت ارتباكا على مستوى تداول المعطيات الحساسة، وهو ما جعل تعزيز القيادة في مجال الأمن السيبراني ضرورة ملحة لضمان حماية بيانات المؤسسات والأفراد على حد سواء، خصوصا مع التسارع الكبير الذي تعرفه عملية رقمنة الخدمات الاقتصادية والإدارية والعسكرية والاجتماعية.
وفي تعليقه على هذا التعيين، يرى الخبير الاستراتيجي محمد شقير أن اختيار اللواء بوطريك “ليس مجرد إجراء إداري، بل رسالة واضحة تعكس إدراك الدولة لخطورة المرحلة الرقمية الراهنة، ورغبتها في الجمع بين الخبرة الهندسية المدنية والخبرة العسكرية الميدانية في قيادة جهاز حساس مثل الـDGSSI”.
ويضيف شقير في تصريح خص به بلبريس أن القرار “يأتي في سياق تثبيت موقع المغرب كقوة إقليمية صاعدة، ويمثل استجابة عملية لتحديات الأمن السيبراني المتزايدة، بما في ذلك حماية المعلومات الشخصية للمواطنين والمعطيات الاستراتيجية للمؤسسات الوطنية”.
ويخلص شقير إلى أن هذا التعيين يندرج في إطار مقاربة استباقية تهدف إلى بناء منظومة دفاع سيبراني متكاملة، قادرة على مواجهة الهجمات الإلكترونية المعقدة، وتعزيز ثقة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في مسار التحول الرقمي الذي يشهده المغرب.