بدأت تتكشف معالم فشل المشروع الانفصالي الذي تتبناه جبهة البوليساريو بدعم مباشر من النظام الجزائري، بعدما أكدت تقارير إعلامية دولية أن واحدة من آخر القلاع الإيديولوجية الداعمة لها في أوروبا دخلت مرحلة التراجع. صحيفة لوفيغارو الفرنسية وصفت الأمر بـ”المفاجأة السياسية”، معتبرة أن التحولات داخل اليسار الفرنسي الراديكالي تعكس تآكلاً متسارعاً للطرح الانفصالي أمام قوة الدبلوماسية المغربية وتغير موازين القوى الدولية.
لم يعد المشهد السياسي الفرنسي كما كان، فبعد عقود من الاصطفاف الأوتوماتيكي خلف الجزائر والبوليساريو، بدأت شخصيات وتيارات داخل اليسار الراديكالي تعيد النظر في مواقفها، وهو ما يشير ـ وفق مراقبين ـ إلى أن الشعارات القديمة لم تعد قادرة على الصمود أمام الحقائق الجديدة. هذا التحول، الذي اعتبرته تقارير أوروبية دليلا على نجاعة المقاربة المغربية، يعكس قدرة الرباط على التأثير في دوائر كانت تُعتبر عصية على أي تغيير.
المراقبون يؤكدون أن هذا التطور لا يمكن فصله عن مجموعة من المحركات الأساسية، في مقدمتها المبادرات الملكية التي أبرزت الوجه السلمي للمغرب ورغبته في بناء علاقات مستقرة مع الجوار، مقابل استمرار الجزائر في سياسة التصعيد وإغلاق الأبواب. كما أن الموقف الأمريكي الثابت من خلال الاعتراف بمغربية الصحراء والدعم المتواصل لمبادرة الحكم الذاتي عزز من مكانة المغرب، وهو ما دفع العديد من العواصم الأوروبية إلى مراجعة حساباتها.
التقارير الإعلامية أشارت أيضاً إلى أن المغرب استطاع أن يفرض نفسه كفاعل استراتيجي في قضايا الأمن والطاقة والهجرة والتنمية، ما جعل دعم وحدته الترابية خيارا براغماتيا يخدم المصالح المشتركة، في مقابل انكشاف عجز البوليساريو والجزائر عن تقديم أي رؤية واقعية قابلة للتطبيق.
وفي السياق ذاته، اعتبر مراقبون أن فرنسا مقبلة على “خريف دبلوماسي حاسم”، حيث تزداد الضغوط على الرئيس إيمانويل ماكرون لاتخاذ موقف أوضح تجاه قضية الصحراء المغربية، خصوصاً مع اقتراب استحقاقات مجلس الأمن. وفي ظل التراجع الملحوظ للدعم التقليدي للبوليساريو حتى في معاقلها التاريخية، تبدو باريس مضطرة لمسايرة الدينامية الدولية المتنامية التي تصب في مصلحة المغرب.
الخلاصة التي تسوقها معظم التقارير الغربية هي أن المشروع الانفصالي يعيش لحظة انكسار، وأن النظام الجزائري ومعه البوليساريو أصبحا في عزلة سياسية متزايدة، فيما تترسخ الأطروحة المغربية باعتبارها الحل الجاد والواقعي الوحيد القادر على إنهاء النزاع المفتعل.