خبيران يعدان أبعاد سحب إسبانيا لأعلامها من جيوب مغربية محتلة

في خطوة وُصفت بـ”غير المتوقعة”، أقدمت إسبانيا مؤخراً على إزالة علمها الوطني من جزيرتي “تيرا” و”مارا” غير المأهولتين، والواقعتين قبالة السواحل الشمالية للمغرب، على مقربة من مدينة الحسيمة.

هذا الحدث النادر، الذي لم يحظَ بتغطية وازنة في وسائل الإعلام الإسبانية، أعاد إلى الواجهة مجدداً ملف الجيوب المحتلة، وخصوصاً في ظل السياق المتوتر الذي يطبع العلاقات المغربية الإسبانية بين الفينة والأخرى.

محمد النشطاوي: خبير في العلاقات الدولية

وفي تصريح خص به جريدة بلبريس، قال الدكتور محمد النشطاوي، الخبير في العلاقات الدولية، إن “الخطوة أثارت الكثير من التساؤلات، لا سيما في ظل غياب أي توضيح رسمي من الجانب الإسباني، أو تعليق من طرف السلطات المغربية، ما يجعل قراءة الحدث مفتوحة على احتمالات متباينة”.

ورأى النشطاوي أن هذا الإجراء قد يكون مرتبطاً بسياق سياسي أوسع، لا سيما بعد “الخطوة التي أقدمت عليها بعض الأحزاب اليمينية في إسبانيا باستقبال ممثلين عن جبهة البوليساريو خلال إحدى مؤتمراتها”، وهو ما اعتبره المتحدث “سبباً كافياً لاستفزاز الرباط، التي ردت حينها بإغلاق المعابر الحدودية لسبتة ومليلية”.

وفيما يعتبر البعض أن إزالة الأعلام قد تكون “إجراءً تقنياً عادياً” بالنظر إلى أن الجزيرتين غير مأهولتين بالسكان، إلا أن النشطاوي ينبه إلى أهمية موقعهما الاستراتيجي، مشيراً إلى أنهما ظلّتا تحت السيطرة الإسبانية لأزيد من أربعة قرون، وبالتالي فإن أي تغيير في وضعهما الرمزي، ولو كان بسيطاً، قد يحمل دلالات سياسية غير مباشرة.

وقال المحلل السياسي المغربي إن “هذا الغموض يفتح المجال أمام تأويلين اثنين: إما أن الأمر يندرج في سياق تهدئة إسبانية تجاه المغرب، في محاولة لخفض التوتر على خلفية التحركات الحزبية الأخيرة، أو أنه مجرد إجراء تقني لا يتعدى حدود الانسحاب الرمزي المؤقت”.

وأضاف: “نحن أمام حدث نادر في رمزيته، لكنه ما زال معلقاً في منطقة ضبابية في ظل غياب تفسير رسمي، الأمر الذي يزيد من ترقّب ما إذا كانت مدريد تعيد ترتيب أوراقها في ما يخص السيادة على الجيوب المحتلة، أو أنها تحاول فقط امتصاص الغضب المغربي دون الدخول في مواجهة مباشرة”.

المحلل السياسي: محمد شقير

وفي تعليقه على الحدث، قال المحلل السياسي محمد شقير إن رفع العلم الإسباني على الجزيرتين جاء في الأصل ضمن سياق التوتر الذي شهده عام 2002، خلال ولاية حكومة أثنار اليمينية، التي أرادت التأكيد على رمزية السيادة الإسبانية، خاصة بعدما تم القبض بشكل مهين على قوات مغربية.

وأوضح شقير أن إزالة العلم بعد عقدين من الزمن، وفي ظل التحول الكبير الذي عرفه الموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية تحت قيادة حكومة سانشيز اليسارية، يعكس محاولة لامتصاص التوتر الذي فجرته مواقف اليمين الإسباني، لا سيما بعد استقبال حزب فوكس لوفد من البوليساريو، واعتراضه على اقتناء المغرب لطائرات “إف 35″، فضلاً عن حملات استهدفت الجالية المغربية ببعض المدن.

وخلص إلى أن هذا لا يعني، بأي حال، تراجعاً عن السيادة الإسبانية على الجزر الثلاث، مشيراً إلى أن “العلم لا يزال مرفوعاً على جزيرة بادس، الأكبر من بين هذه الجزر”، معتبراً أن الأمر لا ينبغي تحميله دلالات أكبر من حجمه، خصوصاً وأن الخطوة لم تصدر في إطار تفاوضي رسمي، في وقت يركّز فيه المغرب جهوده الدبلوماسية على إغلاق ملف الصحراء بشكل نهائي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *