كشفت معطيات استخباراتية نقلها الدكتور عبد الرحيم المنار السليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عن انعقاد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن بالجزائر، مساء أمس، دام لساعات مطوّلة، خصص بالكامل لمناقشة الرد الممكن على دعوة الحوار التي وجهها الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير.
وبحسب ما أورده السليمي عبر حسابه على منصة “إكس”، فإن هذا الاجتماع الأمني جاء بتعليمات مباشرة من رئاسة الجمهورية الجزائرية، بعد أن خلفت المبادرة الملكية موجة من الحرج في دوائر صنع القرار بالجزائر، خاصة وأنها تضمنت دعوة صريحة لتجاوز الخلافات وفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين.
المعطيات التي نقلها السليمي عن مسؤول نافذ في محيط المستشار الأول للرئيس عبد المجيد تبون، بوعلام بوعلام، تؤكد أن المجلس الأعلى للأمن توصل إلى قرار مبدئي يقضي بالرد على الدعوة المغربية خلال شهر غشت الجاري، دون أن تُحدد طبيعة هذا الرد أو شكله الدبلوماسي والسياسي.
إلا أن أجواء الاجتماع لم تخلُ من التوتر، وفق المصدر ذاته، حيث برزت خلافات بين الرئيس تبون، الذي أبدى ميلاً نحو التعامل مع المبادرة الملكية بنوع من التروي والانفتاح، والفريق سعيد شنقريحة، قائد أركان الجيش، الذي بدا أكثر تحفظاً، بل وغير مدرك، حسب نفس المصادر، لحجم العزلة الدبلوماسية التي قد تواجهها الجزائر في حال تجاهلت اليد المغربية الممدودة، في ظل ضغوط دولية متزايدة، خاصة من الولايات المتحدة، من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين.
وفي هذا السياق، نبه السليمي إلى أن تجاهل الجزائر للمبادرة المغربية قد يُفهم على المستوى الدولي كرفض متعمد لفرصة ثمينة للحوار، في وقت إقليمي حساس يتطلب مقاربات واقعية لاحتواء التوترات التي تهدد استقرار شمال إفريقيا.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك الأمني الجزائري غير المعلن، يعكس بداية إدراك داخل النظام الجزائري لصعوبة الاستمرار في نهج المقاطعة والتصعيد، خاصة مع عودة التأثير الأمريكي إلى المنطقة في ظل إدارة دونالد ترامب، المعروفة بدعمها الصريح لمغربية الصحراء.
وبين انفتاح مغربي واضح ورد جزائري لا يزال قيد التشكّل، تترقب المنطقة ما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة، التي قد تحمل انفراجة تاريخية، أو تعيد إنتاج مناخ الجمود القائم منذ سنوات، نتيجة السياسة العدائية التي اختارها النظام الجزائري في تعامله مع المغرب.