انتحار أستاذ بعد توقيفه يخرج أساتذة للاحتجاج أمام المديرية

 

أثارت وفاة الأستاذ (م.ب) بمولاي رشيد صدمة واسعة في الأوساط التعليمية والنقابية، بعدما وصف الحادث بكونه نتيجة "مسلسل من التجاوزات الإدارية والنفسية"، الأمر الذي دفع المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم FNE إلى تحميل المسؤولية المباشرة للمديرية الإقليمية، والدعوة إلى وقفة احتجاجية امام المديرية يوم الخميس 10 يوليوز 2025، تخليدًا لروح الفقيد، وتنديدا بما وصفه البيان بـ"تجاهل لحقوق الإنسان في القطاع التربوي".

وأكد المكتب الإقليمي في بيان له أن الأستاذ الراحل كان يمر باضطرابات نفسية حادة منذ وفاة والده، وأنه كان في أمس الحاجة إلى مواكبة طبية واستجابة إنسانية من طرف الإدارة، إلا أن هذه الأخيرة قررت، بدلاً من ذلك، توقيفه احتياطيا عن العمل، ما زاد من معاناته النفسية.

واعتبرت النقابة أن هذا الإجراء اتخذ في غياب تام لأي تقييم حقيقي لحالته الصحية، مؤكدة أن توقيفه لم يراع الجوانب الإنسانية للملف، ودعت الوزارة الوصية إلى فتح تحقيق شامل في ملابسات القرار الإداري الذي سبق الحادث، وتحديد المسؤوليات في ما حدث.

وفي تطورات متصلة، كشفت معطيات نشرتها بلبريس في وقت سابق، وجود تناقض لافت في الروايات الرسمية بخصوص الوضعية الإدارية للأستاذ الراحل، إذ في الوقت الذي نفت فيه الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين صدور أي قرار تأديبي أو توقيف للأجرة في حقه، تؤكد مراسلة داخلية موقعة من المدير الإقليمي بتاريخ 23 يونيو 2025، أنه تم توقيفه احتياطيًا ابتداء من 24 من الشهر نفسه، مع إحالته على أنظار اللجنة الجهوية للتأديب.

وأفاد مصدر إداري تحدث لبرلبريس في وقت سابق،  أن المعني بالأمر لم يفصل رسميا، وتوصل بأجرته كاملة عن شهر يونيو، إلا أن شهادات أخرى تحدثت عن "سوء تدبير مزمن" لملفه، شمل تنقيله بين أربع مؤسسات، وتوجيه استفسارات وإنذارات متعددة له، دون أن تراعى حالته النفسية التي كانت في تدهور مستمر.

كما أثيرت تساؤلات بشأن تقارير وُصفت بـ"الكيدية"، رفعت من طرف مديرة المؤسسة وبعض أعضاء جمعية الآباء، طالبوا خلالها بإخضاعه لخبرة نفسية واعتبروه "غير صالح للتدريس". ولم تسلم الإدارة من الانتقادات أيضا، إذ أشار مقربون إلى أن مديرة المؤسسة كانت تستعمل ختما إداريا قديما يتضمن اسم الوزارة قبل تغييره سنة 2021، ما قد يفقد العديد من الوثائق الرسمية قيمتها القانونية.

وتجسد هذه الوقائع أزمة أعمق تتعلق بكيفية تعامل المنظومة التعليمية مع الحالات النفسية الحساسة وإدارة الملفات التأديبية، والتي تبدو في كثير من الأحيان بعيدة عن البعد الإنساني والوقائي المطلوب، مما يطرح تساؤلات ملحة حول ضرورة مراجعة آليات المواكبة النفسية وحماية حقوق الأطر التربوية داخل المؤسسات التعليمية، لتفادي مآسي مماثلة في المستقبل.