تسممات "الدلاح" تصل البرلمان وسط مطالب بتكثيف المراقبة
في سياق تنامي المخاوف من تسممات غذائية ناتجة عن استهلاك البطيخ الأحمر، وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي سؤالًا كتابيًا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بشأن ما وصفته بـ"الوضع المقلق" المرتبط بتداول فواكه يحتمل تلوثها داخل الأسواق الوطنية، في ظل غياب توضيحات رسمية بخصوص الأسباب الحقيقية للحالات المسجلة أو الإجراءات الوقائية المعتمدة.
التامني استندت في مداخلتها إلى معطيات تحدثت عن تسجيل حالات تسمم جماعي في عدة مناطق، أبرزها إقليم آسفي، حيث أصيب سبعة أشخاص داخل جماعة المصابيح ودوار الحدادة التابع لجماعة الكرعاني، إضافة إلى تسجيل 12 حالة أخرى بإقليم تارودانت، خاصة بجماعة مشرع العين، إلى جانب حالة واحدة على الأقل بمدينة المحمدية، في ظل ترجيحات بوجود حالات غير مصرح بها بفعل الإقبال الكبير على هذه الفاكهة في فصل الصيف.
إصابات الأطفال بتسممات
وما زاد من حدة القلق، حسب البرلمانية، هو أن عدداً من الإصابات المسجلة تشمل أطفالًا، ما يرفع من منسوب المخاوف لدى الأسر المغربية، خصوصًا في ظل موجة الحر التي تزيد من استهلاك هذه الفاكهة دون رقابة فعالة على مصدرها أو جودتها.
في هذا الصدد، طالبت التامني بتوضيح التدابير الاستعجالية التي باشرتها الوزارة المعنية لتحديد مصدر الفواكه المشتبه في تلوثها، وكذا وقف توزيعها في الأسواق الوطنية، متسائلة في الوقت نفسه عن وجود تحقيقات مختبرية وزراعية بخصوص المواد أو المبيدات التي جرى استخدامها خلال عمليات الزراعة أو الحفظ، والتي قد تكون السبب المباشر في تلك التسممات.
كما شددت على ضرورة مساءلة فعالية منظومة المراقبة الصحية، لا سيما في فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في استهلاك المنتوجات الفلاحية، وعلى رأسها "الدلاح"، مشيرة إلى ضعف شروط الحفظ والنقل والتخزين، خاصة في الأسواق العشوائية التي تفتقر لأي إشراف مؤسساتي، وتتحول إلى مصدر خطر محتمل على صحة المستهلكين.
في ظل تزايد حالات التسمم الغذائي خلال فصل الصيف، خاصة تلك المرتبطة باستهلاك فاكهة البطيخ الأحمر، تتعالى الأصوات المطالبة باتخاذ إجراءات فورية لحماية صحة المستهلكين، في وقت تشهد فيه الأسواق المغربية انتشارًا واسعًا لهذه الفاكهة، خصوصًا في نقاط البيع العشوائية التي تفتقر لأبسط شروط السلامة الصحية.
أشعة الشمس قد تتسبب في التسمم
وتحذر الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، من المخاطر الصحية التي قد تنتج عن عرض الفواكه الموسمية، وفي مقدمتها "الدلاح"، تحت أشعة الشمس المباشرة لساعات طويلة، مما يؤدي إلى تحلل مكوناتها وتكاثر البكتيريا بداخلها، وهو ما قد يشكل خطرًا حقيقيًا على صحة المواطنين.
وفي تصريح خص به "بلبريس"، أكد علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، أن موجة التسممات الغذائية المسجلة مؤخرًا تثير قلقًا بالغًا، مشيرًا إلى أن غياب المراقبة الجادة داخل الأسواق الشعبية والعشوائية يفتح المجال أمام عرض فواكه غير صالحة للاستهلاك في ظروف غير صحية، دون أي تدخل يذكر من الجهات الوصية.
التحلي بالوعي الاستهلاكي
ودعا شتور المواطنين إلى التحلي بالوعي الاستهلاكي واليقظة، من خلال تفادي شراء الفواكه المعروضة في أماكن غير مراقبة أو تحت الشمس، والحرص على اختيار نقط البيع المنظمة التي تخضع لشروط الحفظ والسلامة الصحية، مع التأكد من سلامة الفاكهة من حيث الشكل والرائحة وخلوها من التشققات أو السوائل المشبوهة.
وأضاف المتحدث أن على المستهلكين أيضًا غسل الفواكه جيدًا قبل التناول، والامتناع عن شراء الفواكه المقطعة سلفًا والمعروضة على الأرصفة، لما قد تحمله من مخاطر بسبب تعرضها المباشر للتلوث.
السلطات مطالبة بتكثيق المراقبة الميدانية
كما طالبت الجمعية بضرورة تدخل عاجل من الجهات المعنية، وفي مقدمتها الجماعات المحلية والسلطات الصحية، من أجل تكثيف المراقبة الميدانية داخل الأسواق، وتنظيم حملات تحسيسية تستهدف الباعة والمستهلكين على حد سواء، بهدف ترسيخ ثقافة الوقاية الصحية وتعزيز حماية المستهلك.
وأكد شتور أن المسؤولية في هذا السياق مشتركة، وتبدأ من سلوك الأفراد، لكنها تقتضي أيضًا تدخلًا فعّالًا من كافة الفاعلين لضمان تداول مواد غذائية آمنة، خصوصًا في فصل يعرف ارتفاعًا كبيرًا في الاستهلاك، ويصاحبه تزايد في درجات الحرارة، ما يزيد من احتمال وقوع حوادث تسمم جماعي إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.