تفاصيل مُعقّدة تُربك ورثة "الميلياردير أكوزال" (وثائق)

تتواصل تطورات ملف قضائي معقد يحيط بإحدى أبرز العائلات الصناعية في المغرب، حيث أعلنت كتابة الضبط بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء عن تنظيم جلسة بيع قضائي لعقار في ملكية رجل الأعمال مولاي مسعود أكوزال، وذلك يوم الثلاثاء 8 يوليوز 2025 على الساعة الواحدة زوالاً بقاعة الجلسات رقم 6، في إطار الملف التنفيذي عدد 2024/8515/4.

ويتعلق الأمر بعقار عبارة عن أرض بها بنايات، كائن عند زاوية شارعي محمد الديوري والمقاومة بمدينة الدار البيضاء، وتبلغ مساحته 18.56 آر (1856 مترًا مربعًا)، وقد حُدّد الثمن الافتتاحي للبيع في 19.302.400 درهم. وتندرج هذه المسطرة ضمن تنفيذ حكم لفائدة البنك الوطني للإنماء الاقتصادي ضد أكوزال مولاي مسعود.

ويأتي هذا الإجراء في سياق أكثر تعقيدًا، حيث تتكشف فصول درامية جديدة حول إرث مولاي مسعود أكوزال، مؤسس مجموعة "أكوزال"، الذي يُعد من رموز الصناعة المغربية الحديثة، وأحد أوائل من أدخلوا زيوت المائدة إلى البيوت المغربية. فبعد وفاته في أكتوبر 2019، اندلعت نزاعات حادة بين ورثته، حيث تتهم ست من بناته الخمسة إخوتهم الذكور بالاستيلاء على ممتلكات المجموعة وحرمانهن من نصيبهن المشروع، وفقا لـ"جون أفريك".

وتشير التفاصيل إلى أن البنات وُضعن منذ الصغر خارج دوائر القرار داخل المجموعة، بينما حُظي الذكور بتكوين عملي تولّى خلاله كل منهم مسؤولية أحد القطاعات الصناعية. وبعد الوفاة، ظهرت مؤشرات مثيرة للشك، من بينها رسملة الشركة القابضة بمبلغ يقارب مليار درهم، في غياب أي شفافية تجاه الورثة الإناث، مع منعهن من الوصول إلى الوثائق المحاسبية والاجتماعات الإدارية.

لجأت الأخوات إلى القضاء بعد جمع آلاف الوثائق المتعلقة بالأصول العقارية والتحويلات المالية، وقدّمن شكاوى إلى الشرطة القضائية تتهم إخوتهم بالتزوير، خيانة الأمانة، النصب، وإخفاء ممتلكات ناتجة عن جريمة. كما تضمن التحقيق إعادة رسم خريطة الثروة العقارية للعائلة ومراجعة دقيقة للحسابات البنكية الخاصة بوالدهن الراحل.

بحسب مقربين من الملف، توصلت البنات إلى معطيات مثيرة مفادها أن إخوانهن خططوا للانفراد بالمجموعة قبل وفاة الوالد، مستغلين حالته الصحية المتدهورة وعزله تدريجيًا عن باقي أفراد العائلة، وسط شهادات تفيد بتعاطيه أدوية نفسية ثقيلة في أشهره الأخيرة. وتؤكد إحدى البنات أن هذه الوقائع مثّلت صدمة نفسية هائلة لهن، معتبرة أنهن خسرن أكثر من الميراث، بل خسرن إخوتهم أنفسهم.

وفي دجنبر 2023، وجّهت النيابة العامة بمحكمة عين السبع بالدار البيضاء اتهامات رسمية إلى 19 شخصًا، من بينهم الإخوة الخمسة وأزواج أربع منهم، إلى جانب مدراء شركات وخبير محاسبي وعدد من المتعاونين. إلا أن أياً من المتهمين لم يتم توقيفه حتى اليوم، وسط تساؤلات حول بطء المسطرة القضائية رغم جسامة التهم.

وصف محامٍ مطلع على الملف، فضل عدم ذكر اسمه، الوضع بأنه “معركة بين النفوذ والحق”، مضيفاً أن القضية تحولت إلى مرآة لواقع أكثر تعقيداً يتعلق بسلطة المال، الرشاوى، وإفلات بعض الأشخاص من المساءلة.

رغم ذلك، تؤكد بنات أكوزال أن مطلبهن الأساسي لا يتجاوز احترام القانون وتمكينهن من حقوقهن الشرعية في إرث والدهن، مشددات على أن المعركة القضائية لن تثنيهن عن المضي قدمًا في كشف ما يعتبرنه اختلالات ممنهجة داخل واحدة من أعرق المجموعات الاقتصادية العائلية في المغرب.