هل "الغلاء" يتواجد فعلا في الواقع أم فقط عبر منصات التواصل؟.. الجواهري يُجيب

قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إن ما يروج حول الغلاء المتواصل في البلاد يغلب عليه طابع الانطباع الشخصي أكثر من كونه يعكس مؤشرات دقيقة، مشددا على أن الأسعار في الواقع لا ترتفع بنفس الصورة التي تتناقلها شبكات التواصل الاجتماعي، والتي باتت تلعب دورا كبيرا في ترسيخ فكرة أن المعيشة أصبحت لا تُطاق.

وأوضح الجواهري، خلال ندوة صحفية أعقبت اجتماع مجلس بنك المغرب، أن المفاهيم الاقتصادية تحتاج إلى توضيح، وأنه من المهم التمييز بين "التضخم" و"ثمن البيع النهائي". فالتضخم، بحسبه، هو تطور نسبي في الأسعار خلال فترة زمنية معينة، وليس مرادفا مباشرا لثمن البيع في السوق. وأضاف أن المواطن حين يسمع عن تراجع في أسعار بعض المواد، كالحوم الطازجة مثلا، بنسبة 2.6%، يتوقع أن ينعكس ذلك فورا على الأثمان، وإن لم يحدث ذلك، يشعر بأن الأرقام الرسمية لا تعكس الواقع.

الجواهري أشار إلى دراسة أنجزها بنك التسويات الدولية بسويسرا، خلصت إلى وجود فارق كبير بين "التضخم المحسوب" و"التضخم المحسوس"، قد يصل إلى ثماني نقاط مئوية، وهو ما يعكس الفجوة بين الإحصائيات والتصور العام لدى المواطن. وعلّق بأن "الزيادة تترك أثرا دائما في ذهن المستهلك، في حين أن الانخفاض يُستقبل بفتور ولا يُحدث الضجة ذاتها"، وهو ما يؤدي إلى شعور دائم بالغلاء حتى في الفترات التي تشهد فيها الأسعار تراجعا.

ولم يخف الجواهري انزعاجه من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم الإحساس بالغلاء، معتبرا أن المنصات الرقمية ساهمت في ترسيخ انطباع عام لا يستند إلى المعطيات الفعلية، وهو ما يستدعي، حسب قوله، جهدا من قبل الإعلام ومصالح الاتصال لتوضيح الفرق بين المفاهيم الاقتصادية وتفسير الأرقام للمواطنين بشكل مبسط.

وأشار في السياق نفسه إلى أن سلة الاستهلاك في المغرب تتكون بنسبة 40% من المواد الغذائية، بخلاف الدول المتقدمة حيث لا تتجاوز هذه النسبة 7%، وهو ما يجعل مؤشر التضخم في المغرب أكثر تأثرا بتغير أسعار هذه المواد، مؤكدا أن أي تراجع في أسعارها يكون له تأثير مباشر على معدل التضخم العام.

وفي ما يخص سعر الصرف، قال الجواهري إن المغرب لم ينتقل بعد إلى المرحلة الثانية من تحريره، مبرزا أن بنك المغرب يعمل حاليا مع صندوق النقد الدولي من أجل الانتقال إلى نظام "استهداف التضخم"، مضيفا أن اجتماعا حاسما سيُعقد في يوليوز المقبل لتقييم المرحلة الحالية وتحديد الخطوات المقبلة في هذا المسار.