شارية: القبة الحديدية تتآكل والمغرب أمام منعطف استراتيجي
كتب المحامي والفاعل السياسي، الأمين العام للحزب المغربي الحر إسحاق شارية، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع “فيسبوك”، أن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، رغم مرور أسبوع على اندلاعها، ما تزال محاطة بكثير من الغموض، ومفتوحة على سيناريوهات غير محسومة، في ظل تضارب الأخبار واحتدام الدعاية العسكرية والإعلامية من الجانبين.
وأشار شارية إلى أن أولى خلاصات هذا النزاع المسلح تؤكد أن إيران مخترقة من الداخل، بعدما استطاعت المخابرات الإسرائيلية تجنيد شبكة واسعة من العملاء، كادت أن تُسقط نظامًا بحجم دولة كبرى خلال ساعات.
واعتبر أن حروب المستقبل لن تقوم فقط على الطائرات والدبابات، بل على الجواسيس والعملاء المحليين، وهو ما يستوجب من الدول رفع مستوى اليقظة الأمنية.
وفي ما يتعلق بالمعطى الجوي، سجل شارية أن الطيران الإسرائيلي يتحرك “بحرية شبه مطلقة” في سماء طهران ومدن أخرى، دون أن تُقابل تحركاته بأي قدرة دفاعية حقيقية من الجانب الإيراني، ما يكشف – حسب تعبيره – اختلالًا كبيرًا في ميزان الردع الجوي.
مع ذلك، شدد شارية على أن إيران لم تخرج من الحرب منهكة بالكامل، بل نجحت في امتصاص صدمة الضربة الأولى، وردّت بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة وصلت إلى العمق الإسرائيلي، في ظل مؤشرات تُضعف الثقة في قدرة “القبة الحديدية” على الصمود، خصوصًا بعد تعرضها لاستنزاف متزايد بسبب كثافة الضربات من عدة جبهات، أبرزها حزب الله وحماس والحوثيين.
وفي محور بالغ الحساسية، طرح شارية تساؤلات حول الموقف الأمريكي الغامض، منتقدًا تمهل إدارة ترامب في حسم موقفها بشأن الدخول المباشر في الحرب. واعتبر أن أي قرار أمريكي بعدم التدخل سيكون كارثيًا على مستقبل
نتنياهو، الذي سيجد نفسه في مواجهة حرب استنزاف طويلة، تؤثر سلبًا على الشارع الإسرائيلي والاقتصاد المحلي.
ومن جهة أخرى، لم يستبعد شارية أن يكون كل ما يحدث نتاج تنسيق غير معلن بين واشنطن وتل أبيب، هدفه تمكين إسرائيل من لعب دور القوة الإقليمية العسكرية دون حاجة إلى دعم مباشر، وفرض أمر واقع جديد في الشرق الأوسط، تتحول فيه إسرائيل من مجرد حليف إلى فاعل مهيمن.
وبالنسبة إلى العالم العربي، أبدى شارية تشاؤمه، معتبرًا أن المنطقة هي الخاسر الأكبر، سواء انتصرت إسرائيل بمفردها أو بدعم أمريكي، لكون شعوب المنطقة ستتحمل وحدها كلفة الحرب، اقتصاديًا وأمنيًا، وسط تراجع واضح في مواقف الصين وروسيا، اللتين تواصلان لعب دور المتفرج في انتظار إنهاك الغرب.
واختتم شارية تدوينته بدعوة واضحة للمغرب إلى التزام الحياد الكامل، محذرًا من محاولات بعض الأطراف دفع المملكة إلى الاصطفاف مع أحد طرفي النزاع. وأكد
أن الحياد ليس فقط موقفًا سياسيًا حذرًا، بل خيار استراتيجي لإنقاذ المغرب من الانزلاق في صراع لا يخدم مصالحه العليا، خاصة أن بعض “الحلفاء” لا يسعون إلا إلى توسيع دائرة المواجهة على حساب استقرار المنطقة.