أكد هشام بلاوي، رئيس النيابة العامة، أن السياسة الجنائية للمملكة المغربية تقوم على نهج مستمر ومستدام لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشدداً على أن تتبع الأصول الإجرامية ومصادرتها لم يعد مجرد إجراء قانوني، بل أصبح "مكوناً استراتيجياً" وحاسماً في مواجهة الجريمة المنظمة وحماية الاقتصاد الوطني.
جاء ذلك في كلمته خلال افتتاح أشغال ورشة عمل إقليمية حول "تتبع وحجز ومصادرة الأصول الإجرامية"، حيث أوضح أن هذا التوجه يعكس قناعة راسخة بضرورة تحصين المكتسبات الوطنية وملاءمة المنظومة التشريعية مع المعايير الدولية.
وأبرز بلاوي أن الجريمة المنظمة العابرة للحدود باتت تشكل تهديداً خطيراً للأمن المالي والاستقرار الاجتماعي، مستشهداً بتقديرات صندوق النقد الدولي التي تشير إلى أن حجم الأموال المغسولة سنوياً قد يتجاوز 2 تريليون دولار، أي ما يعادل 2 إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفي هذا السياق، استعرض رئيس النيابة العامة المجهودات التي أثمرت عن خروج المغرب من عملية المتابعة المعززة لمجموعة العمل المالي (GAFI) سنة 2023، واستكمال ملاءمة منظومته الوطنية مع توصيات المجموعة خلال سنة 2024، لا سيما في مجال التعاون القضائي الدولي. وذكر بالدورية التي أصدرتها رئاسة النيابة العامة لحث القضاة على التفاعل الفوري مع طلبات التعاون الدولي المتعلقة بحجز وتجميد ومصادرة الأصول الإجرامية.
كما شدد على أن نجاعة مكافحة هذه الجرائم ترتبط بمدى فعالية الأبحاث المالية الموازية للأبحاث الجنائية، وقدرتها على ربط المتحصلات المشبوهة بالجرائم الأصلية، داعياً إلى تعزيز التنسيق بين أجهزة إنفاذ القانون ووحدات التحريات المالية، وتفعيل آليات التعاون الدولي الرسمي وغير الرسمي لمواجهة التحديات التي تطرحها التكنولوجيا الرقمية والعملات المشفرة.
وأشار بلاوي إلى انخراط رئاسة النيابة العامة في عدة مبادرات دولية وإقليمية رائدة، مثل "شبكة استرداد الأصول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" (MENA ARIN)، و"منتدى الممارسين في مجال استرداد الموجودات بإفريقيا"، ومشروع "النشرة الفضية" للإنتربول، مما يعكس الرؤية الاستراتيجية للمغرب في هذا المجال.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن هذه الورشة تمثل فضاءً لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون، معرباً عن أمله في أن تسهم مخرجاتها في رفع كفاءة الأجهزة المعنية وتجفيف منابع الجريمة، تحقيقاً لأمن المجتمع وطمأنينته.