أثار القرار الفرنسي الأخير القاضي بفرض تأشيرات على حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية، ردود فعل غاضبة من قبل النظام الجزائري، الذي سارع إلى التنديد بالخطوة عبر بيان رسمي، واصفًا إياها بـ”الممارسات المشبوهة” من جانب باريس.
في خضم هذا التوتر، سلط الصحفي الناشط السياسي الجزائري شوقي بنزهرة، في تغريدة لافتة، الضوء على ما وصفه بـ”الرد الفعال الوحيد على النظام العسكري في الجزائر”، مشيرًا إلى أن المساس بالامتيازات الشخصية التي يتمتع بها المسؤولون الجزائريون في فرنسا قد يكون السبيل الأنجع للضغط عليهم، في ظل ما يعتبره كثيرون تواطؤًا طويل الأمد بين المصالح الخاصة للنخب الحاكمة وامتيازات النفوذ داخل الفضاء الأوروبي.
وأشار بنزهرة إلى أن النظام الجزائري دأب، لسنوات، على توزيع جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة بسخاء، بما يتجاوز الأطر الرسمية المتعارف عليها دوليًا، مؤكدًا أن هذه الوثائق لم تُمنح فقط للدبلوماسيين أو ممثلي الدولة في الخارج، بل استُخدمت أيضًا كغطاء لجلب عملاء أمنيين واستخباراتيين إلى الأراضي الفرنسية، تحت مظلة “التمثيل الدبلوماسي”، وهو ما يُعد، في نظر القانون الدولي، خرقًا صريحًا للأعراف والتقاليد الدبلوماسية.
وتعكس هذه الأزمة المتصاعدة هشاشة العلاقة بين الجزائر وفرنسا، والتي غالبًا ما تتأرجح بين الشراكة الاستراتيجية والتوترات المرتبطة بملفات الذاكرة، والهجرة، والمصالح الاقتصادية، فضلًا عن دور الجالية الجزائرية في فرنسا. غير أن قرار باريس هذه المرة يتجاوز الرمزية، كونه يطال امتيازًا جوهريًا للنخبة الجزائرية، التي طالما استفادت من حرية التحرك والإقامة في فرنسا، مع ما يرافق ذلك من امتيازات مالية وصحية وتعليمية.
الرد الجزائري، الذي انطوى على لهجة حادة واتهامات مبطنة، يكشف مدى الانزعاج الرسمي من المساس بجزء من منظومة الامتيازات التي تتيح للنظام هامش تحرك خارج أي رقابة داخلية، كما يعيد هذا القرار إلى الواجهة تساؤلات قديمة متجددة حول توظيف الدبلوماسية لأغراض تتجاوز تمثيل الدولة، نحو ممارسة النفوذ والتغلغل الأمني في الخارج.