اجتمع المجلس الوطني لحزب الاستقلال يوم السبت الماضي بمدينة سلا في غياب لافت لعدد من القيادات البارزة، حيث لفت اختفاء حمدي ولد الرشيد، منسق الجهات الجنوبية الثلاث، انتباه الحاضرين، كما غاب عن اللقاء كل من النعم ميارة ورئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد والمنصوري لمباركي، وسط أنباء عن قيامهم بمهام خارجية.
تصاعدت التساؤلات داخل أوساط الحزب بسبب عدم وجود هذه الأسماء على المنصة الشرفية إلى جانب الأمين العام نزار بركة، خاصة مع تزامن الغياب مع زيارة رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى العيون حيث شارك في لقاء جماهيري كبير نظمه حزب التجمع الوطني للأحرار، وقد تضمن هذا اللقاء رسائل سياسية واضحة وجهها أخنوش إلى المعارضين، وأيضا إشارات ضمنية لنزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال وأحد مكونات الأغلبية الحكومية.
في سياق متصل، أشارت مصادر إلى أن غياب ولد الرشيد عن اجتماع سلا في نفس توقيت زيارة أخنوش للعيون أعاد إحياء التكهنات حول نية القيادي الاستقلالي للقاء رئيس الحكومة، ويذكر أن ولد الرشيد كان قد أعرب سابقاً عن رغبته في الاجتماع بأخنوش منذ تشكيل الحكومة الحالية.
بدوره، أكد مصدر استقلالي، أن غياب هذه الكوكبة من القيادات لم يكن عادياً، نظراً للثقل السياسي الذي يتمتعون به داخل هياكل الحزب، مما أثار المزيد من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الغياب الجماعي في مثل هذا التوقيت بالذات.
تداولت أوساط سياسية في مدينة العيون أنباءً حول زيارة محتملة قام بها رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، لعدد من الشخصيات الصحراوية البارزة في الإقليم، وذلك على هامش انتهاء فعاليات اللقاء الحزبي الذي نظمه حزبه تحت شعار "إنجازات مسارات"، والذي أقيم بخيام بحي النهضة بالقرب من مسجد بلال بن رباح.
وبحسب ما يجري تداوله في الأوساط ذاتها، فقد شملت الزيارة المزعومة لقاءً خاصاً مع القيادي في حزب الاستقلال وعضو لجنته التنفيذية، مولاي حمدي ولد الرشيد، الذي يشغل منصب عمدة مدينة العيون، حيث يُقال إن أخنوش زاره في منزله.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يُشار فيها إلى قيام رئيس الحكومة بزيارات خاصة لشخصيات صحراوية خلال زياراته للمنطقة، حيث سبق أن ترددت أنباء مماثلة خلال لقاء حزبه في مدينة الداخلة، والتي تحدثت عن زيارات خاصة لكل من مولاي ختار الجماني وأخيه سيدي صالح الجماني.
وفي سياق ذي صلة، فاللقاء الحزبي الذي عقده حزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة العيون يوم السبت 17 ماي شهد حضورا مكثفا مرر خلاله عزيز اخنوش رسائل لمن يهمه الامر،لن يمر دون ان يكون له تداعيات على مستقبل الخربطة الانتخابية بجهات الصحراء.
ويرى مراقبون أن الزيارة التي قام بها عزيز أخنوش إلى المعقل الانتخابي لحمدي ولد الرشيد، أحد أبرز قيادات حزب الاستقلال في المنطقة، أثارت ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية التابعة لحزب الميزان، مما ينذر بمعركة انتخابية ضارية في الانتخابات المقبلة.
الاختيار الاستراتيجي لأخنوش بإطلاق حملته الانتخابية من الأقاليم الجنوبية، بدءاً بالداخلة ثم العيون، يكشف عن خطة مدروسة لاختراق المعاقل التقليدية لحزب الاستقلال في الصحراء المغربية، مما يؤكد الطبيعة التكتيكية لهذه الخطوة.
التوقعات السابقة حول محاولة أخنوش زعزعة النفوذ الانتخابي لولد الرشيد في العيون بدأت تتحقق على الأرض، حيث ظهرت بوادر المواجهة المباشرة، مما يعد بصراع سياسي حاد في الأشهر القادمة.
فالمشهد السياسي الحالي في الأقاليم الجنوبية، وخاصة في العيون، يشهد تصاعداً ملحوظاً في حدة التنافس بين حزبي الأحرار والاستقلال، بعدما كان في وقت سابق بين الاتحاديين والاستقلاليين والأصالة والمعاصرة بدرجة أقل، وسط أجواء مشحونة وحملة انتخابية مبكرة قد تحمل مفاجآت غير متوقعة. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل يمتلك ولد الرشيد الأدوات الكافية للتصدي لهذا التحدي، وهل سيحافظ على معقله الانتخابي الذي ظل تحت سيطرته لسنوات طويلة أم أن لعزيز أخنوش رأي اخر؟.