هل المصالحة بين فرنسا والجزائر ممكنة ؟. لوموند تجيب

تتساءل صحيفة “لوموند” الفرنسية، في تحليلها للعلاقات الفرنسية الجزائرية، عما إذا كانت المصالحة بين البلدين لا تزال ممكنة في ظل التصعيد الأخير الذي تشهده هذه العلاقات. وتصف الصحيفة العلاقة بأنها دورية، تخضع لتقلبات متناوبة بين المشاحنات والتقارب، ولكنها تؤكد أن منطقة الاضطراب الحالية التي تمر بها هذه العلاقة تحبط آمال أكثر المتفائلين.

وتشير “لوموند” إلى أن الأزمة الأخيرة، التي تفاقمت منذ منتصف نوفمبر 2024 بعد اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، تفلت من أي محاولات للتهدئة، على الأقل في المدى القصير. وقد زادت تعليقات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 6 يناير الجاري، حول توقيف صنصال، من حدة التوتر، حيث اعتبرت الصحيفة أن خروج ماكرون عن صمته وانتقاده العلني لتصرفات الجزائر، مؤشر على تغير المناخ بين البلدين.

وقد جاءت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 30 ديسمبر الماضي، التي وصف فيها صنصال بـ”المحتال المبعوث من فرنسا”، لتقضي على الآمال في إطلاق سراح وشيك للكاتب، وتدفع ماكرون إلى الحديث علناً حول الموضوع، حيث دعا “بشكل عاجل” الحكومة الجزائرية إلى “الإفراج عن بوعلام صنصال” الذي يعتبره “مناضلاً من أجل الحرية”.

وترى “لوموند” أن هذه الحدة تؤشر على فشل محاولة المصالحة مع الجزائر بقيادة ماكرون من خلال مشروع مصالحة الذاكرة، وذلك في ظل التصلب القمعي للنظام الجزائري بعد اندلاع الحراك المناهض له. وتعتبر الصحيفة أن التوازن المستحيل للدبلوماسية الفرنسية في منطقة المغرب العربي بين الجزائر والمغرب، كان له تأثير كبير على تصاعد التوتر، حيث أن تغير الموقف الفرنسي بشأن نزاع الصحراء سمح بالمصالحة مع المغرب، لكنه في المقابل عجّل بالقطيعة مع الجزائر.

وقد سجلت الصحيفة أن العلاقة بين البلدين تشهد تدهوراً متصاعداً، حيث “سحبت” الجزائر سفيرها من باريس في نهاية يوليو 2024، وحرم السفير الفرنسي المقيم في الجزائر العاصمة، ستيفان روماتيه، من أي اتصالات سياسية. كما أن التعاون الأمني في طريق مسدود، والتبادلات حول مصالحة الذاكرة “معلقة”.

أما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية، فهي تضعف بشكل متزايد بسبب الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها الجزائر، وتواجه الشركات الفرنسية العاملة في الجزائر عقبات إدارية متعددة. وتشير الصحيفة إلى أن هناك توقعات بإجراءات انتقامية جديدة ضد المصالح الفرنسية في الجزائر.

في الختام، تطرح “لوموند” السؤال المحوري: هل المصالحة بين فرنسا والجزائر لا تزال ممكنة؟ وفي ظل هذه الأجواء المتوترة والتصعيد المستمر، يبدو أن الإجابة ليست سهلة، وأن الطريق نحو المصالحة قد يكون طويلاً ومليئاً بالتحديات.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *