الدخول السياسي.. تحديات اقتصادية واجتماعية على طاولة الحكومة

تستعد الحكومة للدخول السياسي الجديد في أكتوبر المقبل بعد انقضاء أكثر من نصف ولايتها التي عرفت مدا وجزرا في التعاطي مع الكثير من القضايا والملفات التي سيجدها وزراء حكومة أخنوش أمامهم خلال الأشهر المقبلة.

مرحلة مختلفة تحاول الحكومة من خلالها أن تخرج أفضل ما لديها لإقناع المواطن / الناخب، بقدرتها على حل المشكلات حتى وهي في اللحظات الأخيرة من عمرها !

مشروع مالية 2025.. الحكومة أخيرا تقرر التقشف

يتضح من خلال مذكرة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، التوجيهية إلى الوزراء بشأن إعداد مشروع قانون المالية، أن هناك إفراطا في الإنفاق الحكومي يلتهم ميزانية ضخمة، تمحورت توجيهات رئيس الحكومة حول ضرورة ترشيد النفقات العمومية وعقلنتها، مع التركيز على تعزيز الاستثمارات في المشاريع ذات الأولوية الوطنية.

ومن أبرز النقاط التي تضمنتها المذكرة، دعوة الوزراء إلى التقشف في صرف النفقات الجارية، من خلال تقليص الميزانيات المخصصة للدراسات والسفريات والإقامة بالفنادق الفاخرة وتنظيم الفعاليات.

لكن السؤال الذي يقفز إلى الذهن هنا، هو لماذا الان وليس في الـ 100 يوم الأولى من عمر الحكومة، ألم ينتبه رئيس الحكومة إلى أن هناك اسرافا في الإنفاق على السفريات والمؤتمرات والدراسات والفنادق وغيرها إلا بعد مرور3 سنوات!

ما الذي منع السيد رئيس الحكومة من اتخاذ هذه الإجراءات منذ البداية، خاصة وأنه قضى أزيد من 14 سنة وزيرا للفلاحة في 3 حكومات وكان يعلم علم اليقين أن هناك إنفاقا حكوميا مبالغا فيه. وبذلك كان سيوفر أموالا كانت ستحل مشاكل اقتصادية أخرى خاصة في الظرفية التي تزامنت مع مجيء الحكومة إذ كان التضخم يبلغ مستويات قياسية تجاوزت 5 في المئة في مطلع 2022.

أزمة طلبة كليات الطب.. 9 أشهر من الاحتباس

ما تزال أزمة طلبة الطب تتأرجح بين الحلول المقترحة وغياب الرؤية، بعد فشل الوساطة البرلمانية، والاتهامات المتبادلة بين الطلبة أنفسهم والحكومة عبر الناطق الرسمي باسمها مصطفى بايتاس، الذي سبق ان اتهم الطلبة بأنهم يروجون المغالطات، حول مخرجات الاجتماع الوزاري معهم في يونيو الماضي، والذي انفردت بلبريس بنشر بعض أبرز مخرجاته والنقط التي أفاضت الكأس فيه والتي تتحمل فيها الحكومة المسؤولية على اعتبار أنها هي من يدير القطاع وهي من عليها إيجاد الحل وليس الطلبة.

مصادر بلبريس كانت قد كشفت أن الوزراء الذين حضروا الاجتماع جاؤوا للطلبة بعدما ذهبوا للتداول وأخبروهم أن هذه ليست مفاوضات بل عرض ’’خذوه او اتركوه’’، وإذا رفضتم لن نسجل معكم أي محضر اتفاق.’’

هذه التطورات دفعت الطلبة إلى التصعيد ومواصلة الإضراب خاصة بعد العقوبات التي أعلنتها الحكومة.

في ختام آخر اجتماع بين الطرفين نفى الوزير عبد اللطيف ميراوي مسؤوليته عن أزمة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، مؤكداً استعداده للتضحية من أجل المصالح العليا للوطن والطلبة.

الوزير أكد عزمه إنقاذ الموسم الجامعي لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، عبر إلغاء العقوبات ونقاط الصفر، وذلك لتمكين الطلبة من اجتياز امتحانات الدورة الاستدراكية.

البطالة.. المعضلة الكبرى

لم تستطع حكومة أخنوش رغم مرور 3 سنوات من ولايتها على فك شفرة المعضلة الأبرز في بلادنا وهي البطالة التي تجاوزت 13 في المئة خلال الربع الاول من العام الجاري .

ولم يستطع يونس السكوري أن يأتي بمنهجية حاسمة يمكن من خلالها تقليص البطالة ومعها الفوارق الاجتماعية، بل إن الوزارة لم تستطع تقديم حلول ناجعة لمنع الاف المقاولات الناشئة من الإفلاس، ولم تستطع توفير حلول عملية لتوظيف حاملي الشهادات وشباب العالم القروي، ولم يستطع فريق الأغلبية في مجلس النواب مساعدة الحكومة في الخروج بمشروع مبتكر يمكنه أن يساهم في هذا الاتجاه.

صحيح أن الحكومة جلبت برامج للتوظيف المؤقت مثل أوراش وبرنامج فرصة لكنها حلول لم تكن كافية، في كبح التضخم، وفشلت في خلق استدامة تنموية مقنعة، ولعل عيد الأضحى الاخير كان مثالا واضحا على هذا الفشل.

قانون المسطرة الجنائية.. مفاجآت مرتقبة في الدخول السياسي

من أكثر الملفات سخونة في الدخول البرلماني المقبل، والتي ينتظر أن تثير جدلا هو مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية الذي صادق عليه مجلس الحكومة في اجتماعه المنعقد يوم الخميس الماضي.

يتضمن المشروع مفاجآت مرتقبة منها من يراه البعض إيجابيا كالحق في المحكمات العادلة، ومنها ما ينظر إليه على أنه مثير للجدل مثل المادة 3 التي تمنع جمعيات حماية المال العام من تقديم شكايات تتعلق بجرائم الأموال. وهي المادة التي ينتظر أن تثير جدلا واسعا خلال الاسابيع المقبلة.

زلزال الحوز.. الخيام لاتزال في مكانها

رغم مرور عام على الزلزال المدمر الذي هز إقليم الحوز، وأخرج السكان من منازلهم إلى الخيام، ورغم معاناتهم في البرد والحر، ورغم التوجيهات الملكية في هذا الشأن والتي طالبت بإعطاء أولوية للمواطنين فإن الوضع بالحوز يحتاج إلى السرعة في الإنجاز.

 

قدمت الحكومة أمس أبرز ما ثم تحقيقه حتى الآن وهو يتمثل في الآتي:

  1. إصدار 55,142 ترخيصاً لإعادة البناء، مع تقدم أعمال البناء والتأهيل في 49,632 مسكناً.

  2. استفادة 57,805 أسرة من الدفعة الأولى (20,000 درهم) لإعادة البناء، بقيمة إجمالية 1.2 مليار درهم.

  3. توزيع مساعدات شهرية لـ 63,862 أسرة بقيمة إجمالية 1.6 مليار درهم.

  4. تقدم في تأهيل الطريق الوطنية رقم 7 بطول 64 كيلومتراً وبميزانية 665 مليون درهم.

  5. إنجاز تأهيل 42 مركزاً صحياً بميزانية 168 مليون درهم.

  6. توزيع 28,000 رأس ماشية و353,830 قنطاراً من الشعير على المتضررين في القطاع الفلاحي.

  7. استمرار إصلاح البنية التحتية المائية بتكلفة 117 مليون درهم.

  8. تأهيل وإعادة بناء المؤسسات التعليمية بميزانية تقديرية 3.5 مليار درهم.

  9. تقديم دعم مالي للقطاع السياحي والصناعة التقليدية.

 

رغم هذه المعطيات فإن بعض سكان المناطق المتضررة غير مقتنعين، وقد كشفت مصادرنا أن الوضع لم يتغير والخيام في أماكنها منذ عام.

سكان من دواوير جماعة ثلاث نيعقوب بإقليم الحوز الأسبوع الماضي نظموا وقفة احتجاجية للمطالبة بصرف الدعم المخصص لضحايا زلزال الحوز.

المحتجون قالوا إنهم حرموا من الاستفادة من المنح الحكومية ويطالبون بفتح تحقيق فيما يعتبرونه "شبهة تلاعب" في توزيع الدعم المالي.

انجزت الحكومة مجموعة من الأشياء وهذا لا ينكره أحد رغم الظرفية الاقتصادية، لكن الحصيلة السياسية والاجتماعية كانت دون المؤمل، وينتظر الحكومة الكثير من الإنجاز والوضوح والكثير من التواصل المؤسساتي الفعال مع المواطنين بعد الدخول السياسي المرتقب.