هل يتحول الصراع في الشرق الأوسط إلى "حرب مفتوحة"؟

تصعيد على عدة مستويات على أكثر من جبهة، يدفع منطقة الشرق الأوسط إلى احتمالات "حرب مفتوحة"، والتي قد تعني دخول المنطقة في حروب لا نهاية أو حدود لها، خاصة بعد تحطم "التابوه" بمواجهات مباشرة بين إسرائيل وإيران، رغم كونها لا تزال محدودة ووفق ضوابط تمنع الانزلاق.

ومنذ أكتوبر الماضي تستمر حرب تشنها إسرائيل في غزة لاستهداف حركة حماس، فيما نفذت إيران أخيرا هجمات مباشرة على إسرائيل في رد على غارة تعرضت لها قنصليتها في دمشق مطلع فبراير الماضي، وسمع دوي انفجارات في مدينة أصفهان الإيرانية، الجمعة، فيما وصفته مصادر بأنه هجوم إسرائيلي، لكن طهران قللت من شأن الواقعة.

وإلى جانب هذه المعارك التي تجري في غزة حيث يقترب الجيش الإسرائيلي من تنفيذ هجوم واسع على رفح، تواجه إسرائيل الهجمات الإيرانية واشتباكات مع حزب الله اللبناني والموالي لطهران، ناهيك عما يحدث في البحر الأحمر من استهداف لحركة الشحن البحري من قبل جماعة الحوثي في اليمن والمدعومين من إيران أيضا.

ما يجري من "أفعال وردود فعل" ينذر بلهيب قادم للشرق الأوسط، على ما أكد محللون لموقع "الحرة"، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة تحتاج للتدخل بتهدئة التصعيد الحاصل في المنطقة المتوترة، خاصة مع خشية المجتمع الدولي أن تتحوّل عقود من العداء بين إسرائيل وإيران إلى حرب شاملة.

ولفتوا إلى أن ما يحدث في "أوكرانيا" قد يشكل تحذيرا عما يمكن أن نشهده في المنطقة، حيث تتعقد الحيثيات في الشرق الأوسط، وحتى بعض الدول التي لا علاقة مباشرة لها في الحرب قد تجد نفسها في "عين العاصفة" مجبرة على حماية أراضيها.

ومنذ الهجمات الإيرانية حذر حلفاء إسرائيل حكومة، بنيامين نتانياهو، من "الرد بطريقة تؤدي إلى حرب إقليمية"، وهو ما رفضه نتانياهو في تصريحاته، الأربعاء، وقال "إن بلاده ستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن نفسها" بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الجمعة، بعد الانفجارات التي وقعت في أصفهان، إن إيران سترد على الفور وعلى "أقصى مستوى" إذا تصرفت إسرائيل ضد مصالحها.

وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة "إن.بي.سي نيوز" إذا "أرادت إسرائيل القيام بمغامرة أخرى وعملت ضد مصالح إيران فإن ردنا التالي سيكون فوريا وعلى أقصى مستوى".

سيناريوهات التصعيد التي قد تنتهي بحرب إقليمية في الشرق الأوسط تبدو أقل احتمالا، وفق ما يؤكد المحلل السياسي العسكري الأميركي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز لموقع "الحرة".

ويضيف أن معرفة سيناريوهات التصعيد بدقة "يعتمد على مدى الرد الإسرائيلي الذي قد تنفذه على طهران، وعلى كيفية رد إيران على هذا الرد"، مشيرا إلى أنه يرى بأن "إيران وإسرائيل كلا منهما لا يريد الدخول في قتال مباشر مع الآخر، ولكن من الصعب التكهن بالأفعال وردودها على المدى القريب والمتوسط، إذ قد نرى حربا بالنهاية حتى لو كان الطرفان لا يريدانها".

ويبدو أن الضربة التي وقعت، الجمعة، في إيران استهدفت قاعدة للقوات الجوية بالقرب من مدينة أصفهان في عمق البلاد على مقربة من المنشآت النووية لإرسال رسالة بمدى قدرة إسرائيل على الوصول لكن بدون استخدام طائرات أو صواريخ باليستية أو قصف أي مواقع استراتيجية أو التسبب في أضرار كبيرة وفقا لرويترز.

وقالت إيران إن أنظمتها الدفاعية أسقطت ثلاث طائرات مسيرة فوق قاعدة بالقرب من أصفهان ولم تذكر إسرائيل شيئا عن الواقعة. وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عمليات هجومية.

وقال مسؤول إيراني لرويترز إن هناك دلائل على أن الطائرات المسيرة أطلقت من داخل إيران وأن من أطلقها "متسللون" وهو ما قد ينفي الحاجة إلى الرد.

وقال مصدر مطلع على تقييمات المخابرات الغربية للواقعة إن الأدلة الأولية تشير إلى أن إسرائيل أطلقت طائرات مسيرة من داخل الأراضي الإيرانية.

وكانت طهران شنت هجوما مباشرا على إسرائيل وضعته في إطار "الدفاع المشروع" عن النفس بعد تدمير مقر قنصليتها في دمشق في الأول من أبريل، في ضربة نسبتها إلى إسرائيل.

وتم الهجوم، ليل السبت الأحد، حين أطلقت طهران أكثر من 300 صاروخ بالستي ومجنح ومسيرة بحمولة إجمالية زنتها 85 طنا قالت إسرائيل إنها تمكنت من اعتراضها جميعها تقريبا بمساعدة حلفائها ولم تخلف سوى أضرار محدودة.

ويعتقد وايتز أن ما يؤرق بشكل كبير قد لا تكون المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، وإنما فيما "يحصل بالاشتباكات مع حزب الله، أو حتى بتأثير الهجمات التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر".