كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات الذي صدر يوم 19 دجنبر من السنة الجارية، أن هناك نقاط جديرة بالاهتمام في المالية العمومية، يجب الوقوف ٱمامها، تهم “العجز” و”المديونية” “صناديق التقاعد”.
ولفت تقرير “زينب العدوي” الإنتباه، إلى غياب رؤية اقتصادية واضحة لدي مختلف الفاعلين، أمام الوضع الجيوسياسي الدولي، وضغوطات التضخم المرتفعة، التي انعكست ضد الاقتصاد الوطني.
بالإضافة إلى توالي سنوات الجفاف، التي خلفت آثارا مباشرة على نسبة النمو التي لم تتجاوز %1.3، فيما من المرتقب أن يسجل نسبة نمو متوسطة في السنوات المقبلة.
وفي هذا الصدد، أوضح التقرير أن تلك العوامل، تنضاف إلى مجموعة من العوامل الأخرى، بما فيها أزمة كورونا؛ والتي ساهمت مجتمعة في الحد من النتائج الإيجابية خلال سنة 2021.
كما أوضح تقرير المجلس، أن الاقتصاد الوطني شهد بوادر انتعاش سنة 2022، مع استمرار التعافي من تداعيات الأزمة الصحية العالمية.
وأضاف المجلس في تقريره، أن المالية العمومية على مستوى التوازن بين المداخيل والنفقات، سجلت خلال 2022 عجز بنسبة %5,2 مقابل %5,5 سنة 2021 و%7,1 سنة 2020.
وبناء على هذه المعطيات، أكد المجلس أن التوقعات الموازناتية التي رسمتها الحكومة على المدى البعيد، تظل أمرا عسيرا، بالرغم من تعافي الاقتصاد، وتقليص نسبة العجز بالمقارنة مع فترة أزمة كورونا.
وتجدر الإشارة إلى أن البرمجة، تتوقع العودة إلى نسبة عجز في حدود %4,5 سنة 2023، ثم %4 سنة 2024، و%3,5 سنة 2025؛ مما يفرض مضاعفة الجهود للتحكم في التوازن المالي، والبحث عن موارد إضافية.
وأشار المجلس أن الحاجة إلى تمويل عجز الميزانية، أدى إلى مواصلة الإعتماد بشكل متزايد إلى الإقتراض الداخلي والخارجي؛ مما أدى إلى ارتفاع حجم دين الخزينة.
وقد ناهز الدين العموم حسب التقرير، 951 مليار درهم سنة 2022، بزيادة فاقت 66 مليار درهم مقارنة بسنة 2021، مما أدى إلى ارتفاع مؤشر الدين الذي سجل نسبة %71,6 من الناتج الداخلي الخام سنة 2022 مقارنة بنسبة 69,5 % سنة 2021.
وقد أدى هذا التطور إلى تراجع نسبي عن الانخفاض الذي تم تسجيله بين سنتي 2020 و 2021 على مستوى مؤشر المديونية، من 72,2 إلى %69,5، ما يهدد بخطر انطالق مرحلة جديدة لتفاقم المديونية.
وشدد التقرير على أنه نسبة الدين، لا تزال بعيدة عن الأهداف المسطرة في إطار البرمجة الميزانياتية على المدى البعيد، والتي تروم احتواء هذه النسبة في حدود %69,5 من الناتج الداخلي الخام.
كما أشار التقرير، إلى أن التغير الذي شهدته شروط التمويل على الصعيدين الوطني والدولي، إتسم بارتفاع نسب الفائدة، ما يشكل عبئا إضافيا على الميزانية، ناهيك عن توجهات المستثمرين نحو السندات قصيرة الأجل، مما ينمي مخاطر إعادة التمويل.
وتجدر الإشارة إلى أن سنة 2022 عرفت ظروف صعبة، كما هو الحال بالنسبة لاكراهات سنة 2023، والتي فرضت بشكل مستعجل، تعبئة 120 مليار درهم، لتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، على مدى خمس سنوات.
وتنضاف إلى هته التحملات، الأوراش التنموية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى، بما فيها المياه والطاقة والاستثمار، والدولة الاجتماعية، والتخفيف من ارتفاع الأسعار؛ ما يجعل الميزانية أمام معادلة صعبة.
وقد شدد المجلس بخصوص هته الاكراهات الملحة، على ضرورة تعبئة موارد إضافية، واعتماد أشكال تمويلية مبتكرة، ومواصلة وتسريع وتيرة الإصلاحات الكبرى، والتي من شأنها أن توفر هوامش لمواجهة تلك الحاجيات.
ويتعلق الأمر بإصلاح النظام الضريبي لتعبئة الموارد مع مراعاة العدالة الضريبة، وإعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية، لتحسين مردوديتها، قصد المساهمة في تمويل ميزانية الدولة؛ كما هو الحال بالنسبة للرهان إصلاح منظومة الاستثمار.
بالإضافة إلى أن السياق الحالي، يفرض مزيدا من ترشيد النفقات، عبر توجيهها نحو القطاعات الأكثر أولوية، وإخضاعها لتتبع، بما يضمن تحقيق الأهداف التي رصدت من أجلها، ومراجعتها بشكل منتظم.
وقد تطرق التقرير أيضا إلى أن صناديق التقاعد، تكتسي طابعا استعجاليا، حيث أنها لما تعرف تقدما منذ الإصلاح المقياسي لسنة 2016، بالرغم من عزم الحكومة إطلاق إصلاح هيكلي انطلاقا من سنة 2023.
وقد أكد المجلس بهذا الخصوص، على ضرورة الإسراع في الإنخراط الفعلي للإصالح الهيكلي لمنظومة التقاعد، مشددا في نفس الوقت، أن أي تأخر في إصلاحه، يعقد هته المنظومة، ويزيد من المخاطر التي قد تهدد ميزانية الدولة على المدى المتوسط والبعيد.