يواصل نظام العسكر الجزائري سقوطه الحر نحو الهاوية، وهو ما يتضح جليا من خلال الزيارات المرتجلة التي يقوم بها الرئيس المعين عبد المجيد تبون إلى الخارج، وما يرافق ذلك من “بهلوانيات” وهفوات تكشف بالملموس مستوى المتحكمين في رقاب العباد وثروات البلاد منذ تكليف فرنسا لوكلائها العسكريين بتدبير شؤون مقاطعتها السابقة في شمال افريقيا.
آخر هذه السقطات، ما جرى خلال زيارة تبون العسكر لموسكو، والكلمة/الفضيحة التي ألقاها أمس الخميس في حضرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والتي كانت كارثية بكل المقاييس سواء على مستوى الإلقاء أو المضمون.
وارتجل الرئيس الجزائري المعين من قبل العسكر، كلمته بشكل متقطع وغير متناسق مع جمل غير مفهومة، بدا من خلالها أن “حجم اللقاء” لم يتم الإعداد له بالشكل المطلوب، مما جعل الرئيس الروسي يغير ملامح وجهه أكثر من مرة عند كلمة الرئيس الجزائري، وهو ما يكشف أن “القيصر” الروسي غير راض عن تبون العسكر.
كلمة تبون العسكر كشفت حجم الأزمة والانهيار الذي يعيشه نظام العسكر الجزائري، الذي لا يجد حرجا في الارتماء في أحضان القوى الخارجية ورهن مستقبل البلاد في أيادي أجنبية، لا لشيء سوى للبقاء على قيد الحياة والمحافظة على مصالح الطغمة العسكرية وتأجيل سقوطها.
ففي كلمته أمام بوتين، بدا تبون العسكر مرتبكا وشاردا، رغم محاولات استجماع قواه والظهور بمظهر الواثق من نفسه، حيث بدت ملامح الارتباك على وجهه وكشفت طريقة إلقائه للكلمة المرتجلة أمام وفدي البلدين عن عدم ارتياح نفسي وسرت رعشة بادية على يديه وهو ينطق كلماته، خاصة عندما بدأ يتوسل بوتين لمساعدة بلاده في الحفاظ على ما سماه “استقلال بلاده”!.
وأكد تبون أن بلاده ”تصون استقلالها بمساعدة قوية وتسليح من روسيا للدفاع عن حريتها، في ظل وضع إقليمي صعب”، وقال إن “ضغوط الدول الأجنبية لن تؤثر على علاقة الصداقة بين الجزائر وروسيا”، شاكرا هذه الأخيرة على دعم ترشيح بلاده للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال سنتي 2024 و2025، وهي الفترة التي أعلنت الجزائر أن من بين أولوياتها فيها سيكون (طبعا) دعم مرتزقة البوليساريو.
وقال تبون إن حصول بلاده على العضوية غير الدائمة جاء “بفضل الأصدقاء وعلى رأسهم روسيا”، موجها كلامه لبوتين بالقول “شكرا جزيلا لكم على حسن الضيافة، إنها تشهد على عمق العلاقات والصداقة القائمة بين الجزائر وروسيا، علاقاتنا لم تتغير أبدا منذ 60 عاما، كانت روسيا دائما تدعم الجزائر، واليوم ربما يوجد بعض الضغوط، لكن هذا لا يمكن أن يؤثر أبدا على علاقة الصداقة بيننا”.
وخلال اللقاء نفسه، استجدى الرئيس الجزائري بوتين وطلب منه المساعدة للتعجيل بانضمام بلاده إلى منظمة “بريكس”، التي تضم أيضا الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، مبررا ذلك برغبة الجزائر في “الخروج من سيطرة الدولار واليورو، ولأن هذه الخطوة تقدم فائدة كبيرة للاقتصاد الجزائري”، على حد تعبير، وهو ما يتناقض مع ما كان يصرح به وما يرفعه من شعارات بخصوص قرب دخول الجزائر “كقوة ضاربة” إلى مجموعة “بريكس”.
وعلى المستوى الدولي، قال تبون إن روسيا والجزائر “متفقتان حتى قبل أن نتشاور على أغلب النقاط في ظل الوضع الدولي المضطرب جدا”، في إشارة تحيل على الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ تقف الجزائر في صف الدول التي ترفض إنزال أي عقوبات دولية على موسكو رغم ضمها لأجزاء واسعة من أراضي الشرق الأوكراني.
من جهته، تفادى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي إشارة لملف الصحراء المغربية خلال استقباله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مركزا بشكل أكبر على التعاون بين البلدين في مجال الطاقة، في الوقت الذي ألمح فيه تبون إلى مساندة بلاده لموسكو في وجه العقوبات الغربية بسبب الحرب على أوكرانيا، شاكرا نظيره على مساندة الجزائر للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن.