-د.عتيق السعيد الأكاديمي و المحلل السياسي
استفزازات المتتالية التي يعتمدها النظام الجزائري المتهالك ضد المغرب أصبحت مكشوفة دوافعها و اسبابها لاسيما وما تعرفه الدولة الجارة من وضع اجتماعي و اقتصادي مأزوم يحاول من خلاله النظام السياسي تشويش الشارع والسعي الى احتواء الاحتجاجات الشعبية ومطالبها المشروعة في بناء دولة ديمقراطية عادلة، و بالتالي لا تعدو هاته الاستفزازات الممنهجة من أن تكون مجرد محاولة -على غرار محاولات عديدة باءت بالفشل الذريع- الالتفاف حول المطالب الشعبية بالجزائر التي تؤطرها المعركة النضالية في محورها الأساسي رفع شعارات المطالبة بتغيير جذري للنظام الحاكم، و تحقيق إصلاح شامل مفضي الى تنمية القطاعات و دمقرطة المؤسسات وتصالح دولي وقاري.
النظام السياسي/الديكتاتوري بالجزائر يحاول خلق عدو خارجي بالقارة الافريقية و دلك لعجزه التام عن التفاعل مع مطالب الحراك الشعبي الداخلية، كما أن حزمة الإجراءات التي أعلن عنها تعبر بشكل واضح عن سير النظام الجزائري/العسكري في اتجاه ضعف تدبيره السطحي و بالتالي يسعى بكل الطرق الخبيثة ظمانا له كأولوية؛ تفكيك الحركات الاحتجاجية من جهة، و الاستمرارية في نفس السياسة القمعية التي نهجها النظام السياسي القديم/الجديد، وهي كلها محاولات الغاية منها خلق حاجز يمنع تمدد الاحتجاجات نحو إسقاط النظام السياسي العسكري، وصولا إلى خلق عداوة خارجية عبر تلفيق أحداث قارية، عاجز عن خلق تحول ديمقراطي بالدولة، و السير في قطيعة مع نفس الوجوه التي تدفع بالتحكم أو التأثير في سير العملية السياسية بالجزائر، أيضا ما تشهده الدولة من توالي تراكم الأزمات الداخلية سواء السياسية أو الاجتماعية و الاقتصادية، بالإضافة إلى اتساع تفاقمها بشكل لم يعد متحكما فيه، و التي زادت من مآسيها الكبيرة جائحة كوفيد19، و عليه فإن الاستفزازات للمغرب تبقى مجرد خطة باتت مكشوفة أمام الشعب الجزائري هدفها الأساسي تشتيت الانتباه الشعبي و جعل الحراك مُرْتَبِكاً مُهْتَزّاً دون تحقيقه لمطلب إسقاط النظام و الاصلاح، لان العدو الحقيقي للنظام السياسي الجزائري هو الحراك الشعبي و مطالب التغيير والإصلاح.
الإجراءات التي أقرها النظام السياسي لم تغير في الوضع الاحتجاجي، فقد بات بحكم الواقع سواء الاجتماعي أو الاقتصادي والسياسي، و كدا تراكم الأزمات والاحتياجات الاساسية، انها لن تثني الحراك الجزائري عن مواصلة المطالبة بإسقاط النظام و برحيل جميع رموز النظام السابق كأول مطلب للخروج من الازمة، لاسيما مطالب التوقف عن تبذير النظام السياسي مداخيل الدولة ونفقاتها العمومية في دعم تنظيم الكيان الوهمي لجبهة البوليزاريو الحاضنة لعناصر ارهابية بالمنطقة، التي ساهمت في تفاقم الأزمة و باتت تشكل عبئا على المواطن الجزائري و احتياجاته الأساسية، و تهديدا للسلم و أمن المنطقة.
هذا و يمكن القول، أن الحركات الاحتجاجية بالجزائر هي مرآة عاكسة لتفاقم الأوضاع و التدهور الاجتماعي والاقتصادي بالدولة و حالة القمع الممنهج و الغلق السياسي التي تنهجها منذ ما يقارب 30 سنة الماضية، تشكل لا محالة محفزا للشارع نحو القطع مع النظام و اسقاطه لتجاوز الاضطراب السياسي تحقيقا للعدالة الاجتماعية و الديمقراطية التمثيلة، و حقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا، و بالتالي الحراك الجزائري يتجه نحو حل سياسي فاصل لا بديل عنه يجعل الدولة تعيش تجربة تدبرية للحكم مدنية حقيقة خالية من التحكم و التوجيه الخفي للأجهزة العسكرية، كما أن الحراك الجزائري أصبح يستمد قوته و صلابته من ما يعيشه من توالي تناقضات التدبير السياسي و الاجتماعي بالدولة، بمعنى أصبح أكثر قدرة على تحويل هاته الاخفاقات، إلى دافع نحو استمرارية الاحتجاج تحقيقا للمطالب المشروعة.