غضب عارم ذلك الذي أثاره بلاغ السلطات المحلية بمدينة طنجة حول الفاجعة التي عرفتها مدينة البوغاز صباح اليوم الاثنين بعدما لقي 24 شخصا مصرعهم في معمل للنسيج وصفته السلطات المحلية بالسري.
وصف السلطات المحلية بمدينة طنجة للمصنع الذي كان يشغل أكثر من 40 شخصا، أثار غضب النشطاء واعتبروه محاولة من السلطات المحلية للتنصل من المسؤولية المعنوية على فقدان 24 مواطنا مغربيا حياتهم.
وفي موجة الحزن العميق الذي خيم على تدوينات رواد منصات التواصل المغربي، زاد بلاغ السلطات المحلية بمدينة طنجة من حنقهم حيث اعتبروا أن البلاغ يستخف بذكاء المغاربة.
وطالب رواد منصات التواصل بتطبيق الخطابات الملكية وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومحاسبة ممثلي السلطات بالمدينة مهما بلغت درجة مسؤوليتهم ، على تقصيرهم في حماية أرواح المواطنين، وتركهم ورشة تشتغل خارج القانون، وفي غياب شروط السلامة .
وعلق العثماني على صفحته على “فيسبوك”، مساء الإثنين، وذلك بعد مرور عدة ساعات على وقوع الحادث الفاجعة، مذكرا بأن النيابة العامة فتحت تحقيقا في الحادث.
وتعهد العثماني بأن يتم تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات اللازمة.
وقال العثماني “هناك مغاربة أزهقت أرواحهم ولايمكن المرور على ما وقع مرور الكرام”.
وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة على ضرورة إقرار العدالة لضحايا وشهداء لقمة العيش من خلال التحقيق الذي تم فتحه تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات اللازمة.
وقال بركة في تدوينة على ” فيسبوك” إنه “ببالغ التأثر والحزن، تلقى حزب الاستقلال بألم كبير “فاجعة طنجة” التي راح ضحيتها حوالي 28 مواطنا في وحدة صناعية “سرية” للنسيج، أغلبهم نساء”.
وأضاف بركة، “وعلى إثر هذا المصاب الجلل والرزء الكبير، أتقدم، باسمي الشخصي ونيابة عن قيادة الحزب وجميع الاستقلاليات والاستقلاليين بأحر التعازي وأصدق المواساة لأسر وعائلات ضحايا الفاجعة، داعيا المولى عز وجل أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان، وأن يسبغ على ضحايا هذا الحادث المفجع واسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته، وينعم على المصابين منهم بالشفاء العاجل”.
وحث الأمين العام لحزب الاستقلال “الحكومة على ضرورة التعجيل بضمان الحماية من المخاطر للعمال و القيام بتحويل المئات والآلاف من مثل هذه الوحدات الصناعية غير القانونية والأنشطة الاقتصادية السرية المنتشرة في عدد من المدن المغربية، إلى وحدات منظمة يؤطرها قانون الشغل وتحترم شروط السلامة والوقاية وتوفير شروط العمل الكريم”.
وقال الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة عبد اللطيف وهبي ، أنه تلقى ببالغ الحزن والألم “نبأ الفاجعة التي شهدتها اليوم مدينة طنجة وراح ضحيتها 24 مواطنة ومواطن من أبناء المغاربة كانوا يشتغلون بوحدة صناعية بها عشرات المواطنين ربما خارج القانون، في استهتار فاضح بسلامة أرواح العاملين”.
و كتب وهبي على صفحته الفايسبوكية : ” يقول البعض أن المقاولة منفلتة من أي تتبع أو مراقبة لشروط السلامة التي تفرضها القوانين الجاري بها العمل”.
و أضاف :” نؤجل كل نقاش ساخن في الموضوع احترامًا لأرواح الضحايا ولآلام عائلاتهم، لايسعنا في هذه الظرفية الأليمة سوى التقدم لأسر الضحايا بأصدق عبارات التعازي والمواساة القلبية الصادقة، وأملنا أن يصل التحقيق المعمق مداه ويفضي إلى ترتيب الجزاءات في حق كل من تواطئوا أو تهاونوا في المراقبة مهما كانت درجات مسؤولياتهم الإدارية والتمثيلية”.
و شدد على أنه ” يجب أن يشكل التحقيق في هذه الفاجعة، التي كشفت مرة أخرى ما يعانيه الآلاف من المغاربة المشتغلين في ظروف لا تحترم الحد الأدنى من مدونة الشغل والسلامة المهنية، محطة مفصلية في مسار التحقيقات في مثل هذه الفواجع التي تنكأ في كل مرة جراح الوطن”.
نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، وفي تعليقها على الموضوع؛ أكدت أن فاجعة طنجة ناتجة عن مشاكل مرتبطة بعدم تطبيق القانون، والتساهل في منح الرخص لبعض المعامل التي لا تتوفر فيها معايير السلامة للعاملين بها.
وأضافت منيب في تصريح صحفي ، أن هذه الفاجعة الأخيرة “تنضاف إلى فواجع أخرى شهدتها مدينة الدار البيضاء ومدن أخرى، حيث غرق المواطنون وانهارت المنازل، وهذا دليل على عدم وجود مخطط والذي يتمثل في الهيئة الترابية، على التي يجب كل جهة أن تكون فيها الصرامة في الحفاظ على سلامة الناس والحفاظ على المدن من التشوه. ونفس الشيء بالنسبة للمناطق الصناعية التي يجب أن تكون معروفة ومجهزة بطريقة تحترم سلامة العاملين”.
وعبّرت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد عن استغرابها بأن لا يكون أي أحد على علم بهذا المعمل السري. مؤكدة أن الكل يعرفه ويستهترون بسلامة العاملين به، كما حصل في معمل الأفرشة “البونج” بالبيضاء قبل سنوات؛ حيث كان العاملون يشتغلون داخل المعمل وهو مقفل عليهم وعندما شب حريق احترق من بداخله، وهي الفاجعة الشبيهة بحادثة اليوم.
وأكدت منيب، أن هذه الفواجع تؤلم كثيرا؛ وأنه على الدولة أن تحمي الباحثين عن لقمة عيش تحت أي ظرف، وأن تتوفر شروط عملهم على السلامة الشاملة. متابعة أن مثل هذه الحوادث سوف تتكرر دائما طالما لم يتم ربط المسؤولية بالمساءلة؛ من المسؤول اليوم على مستوى الجهة وعلى مستوى لجان المراقبة؟، بمعنى أنه يجب النظر في كل هذه الأمور ومحاسبة كل المسؤولين.
ولفتت منيب إلى أن الاضطرابات الجوية والتغيير المناخي الذي تشهده عدة دول على مستوى العالم، سيكون لها انعكاسات على المملكة التي ستشهد بدورها تغيرات مناخية مستمرة وبالتالي وجب الاستعداد لها. مشيرة إلى أنه “في المدن الكبرى توجد بعض البنايات على جنبات شاطئ البحر لا تتوفر على شروط السلامة، والتي تجعلنا لا قدر الله أمام كوارث كبيرة”. تؤكد منيب.
في حين اتهمت النائبة البرلمانية عن الأصالة و المعاصرة لطيفة الحمود ، السلطات المحلية بطنجة بقبض رشاوي للتستر على صاحب المعمل السري الذي أودى بحياة العشرات اليوم الإثنين إثر تسرب مياه الفيضانات.
و كتبت الحمود على صفحتها الفايسبوكية تقول : ” يوم أسود عاشته ساكنة طنجة، ومعها كل أبناء الشعب المغربي في الداخل وفي الهجرة، وهم يتقاسمون الحزن والغضب مع 28 أسرة فقدوا مُعيليهم غرقا محاصرين في قبو فيلا في حيّ النصر بطريق الرباط”.
و أضافت :” ساعة من التساقطات المطرية هزمت هؤلاء وأنهت حياتهم في فاجعة أدمت قلوب كلّ المغاربة” ، متسائلةً : ” فكيف لمرآب تحت أرضي أن يتحوّل إلى وحدة إنتاجية غير مرخص لها، والتي تواصل عملها لسنوات خارج القانون؟”.
و أشارت إلى أن ” هذا المعمل السرّي هو تمظهر علني للفساد ويصعب أن يتمّ التبرأ منه من قبل السلطات المحلية. خاصة وأنّه يوجد في قلب حي سكني آهل بالسكان. لكنّ جشع صاحب المعمل حشر فيه 130 عامل وعاملة بدون مخارج ولا منافذ إغاثة وفي شروط لا مهنية تفتقر إلى أبسط شروط السلامة”.
و تسائلت مستنكرة : ” كيف نسمح اليوم باستغلال ظروف فقر الناس لتشغيلهم في الأسود واحتجازهم في أقبية مظلمة حيث يتمّ إقفال الأبواب عليهم ولا يسمح لهم بالدخول أو الخروج إلا خلال استراحة الغداء؟”.
قبل أن تضيف : ” هو ما يتمّ للأسف تحت عيون السلطات المحلية، وفي الغالب مقابل رشاوى تجعلهم يتستّرون على هذا العمل غير القانوني وهذه المتاجرة الإجرامية بالبشر.”
ووصلت تداعيات فاجعة طنجة، إلى الجلسة العمومية لمجلس النواب أمس الاثنين، حيث طالبت إحدى البرلمانيات محمد أمكراز وزير الشغل والإدماج المهني، بتقديم الاستقالة بعد “وفاة نساء وقاصرات وطفلات” بمصنع سري للنسيج بمدينة طنجة صبيحة اليوم الإثنين 8 فبراير 2021.
وتعقيبا على المطالبة باستقالته وتحميله المسؤولية، شدد امحمد أمكراز بأنه تم فتح تحقيق حول الفاجعة، مصرحا بالقول “لايمكنني إلا أن أتقاسم معكم الحزن حيال فاجعة طنجة، وأن هاذو مغاربة بغض النظر عن الكيفية التي وقعت فيها ولكن هاذو مغاربة مشاو”.
وأضاف أمكراز تحت أعين المصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان ” مايمكنش شي مغربي مايبقاوش فيه، وأن التحقيق فتح بإشراف النيابة العامة، ولايمكن أن نتحدث إلا بعد نتائج التحقيق، رافضا المزايدة بأرواح الشهداء”.