دروس مونديال قطر: إيمبولو..هجرة الكفاءات من الأوطان إجبار وليس قرارا مبنيا على اختيار

لا زالت وستبقى كرة القدم مسرحا للدروس والحكم، مونديال قطر، هو المسرح الكبير لهذه الدروس في هذه الايام، والعنوان العظيم لدرس اليوم قدمه لاعب المنتخب السويسري بريل إيمبولو، الكاميروني الأصل. في مباراة منتخبه سويسرا ضد منتخب بلاده الأصلي الكاميرون، يوم 24 يونيو 2022، لحساب الجولة الأولى من مباريات كأس العالم، ضمن مباريات المجموعة السابعة. بملعب الجنوب بقطر.

في حدود الدقيقة 48، سجل ذي الخمسة والعشرين سنة بريل إيمبولو، هدف التقدم لصالح منتخب سويسرا في شباك الكاميرون، بعد التسجيل تحرك جسد اللاعب استعدادا للفرح بلحظة النصر، إلا أن مشاعره جمدت حركاته، فرفع يديه في مشهد غريب، طالبا السماح من وطنه الأم الذي سجل هدفا في مرماه، في هذه اللحظة طرحت السؤال وأنا اعلق على المباراة ضمن المباريات التي اخترنا التعليق عليها في برنامج "مع المعلق" مباشرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بجريدة بلبريس، كان السؤال، هل أصول اللاعب كاميرونية؟، تأكدت من المعلومة سريعا، وبعدما عرفت السبب، بطل العجب، فتبادرت إلى ذهني الخلاصة التالية، "الوطن يعلو ولا يعلى عليه". يبقى دائما فوق كل اعتبار أو قرار أو اختيار أو اجبار.

يبقى الوطن فوق كل اعتبار، حتى لو أجبرنا على اختيار الغربة، فلا يمكن أن نتنكر للوطن، ولا يمكن لأحد أن يسلبنا حب وطننا، ما يمكن ان نتحدث عنه في كرة القدم ينطبق على كل المجالات، هي ذات الخلاصة، الهجرة اجبار وليست قرارا مبنيا على اختيار.

قد تجبرنا الكثير من الاشياء على الهجرة، لكن لا أحد يمكن أن يجبرنا على كره أوطاننا، او المؤسسات التي نعمل فيها ونلقى فيها ما يجبرنا على الرحيل من أوطننا وليس منها فقط، ولهذا دائما أحترم المؤسسات وأقدر الوطن واعتبر أن ما يقترفه الظالمون والفاسدون والعابثون في حق الكفاءات من تهميش وظلم يمثلهم ولا يمثل الوطن او المؤسسات.

هذا درس المباراة الثالثة عشرة من مباريات كأس العالم فيفا قطر 2022، درس يسجله التاريخ للذكرى وللعبرة، ولأشياء أخرى، قد تفيد الأجيال القادمة، في مختلف المواقع والمجالات، بمختلف بقاع العالم، وخاصة في دول العالم الثالث، تلك الدول التي نمنى النفس بأن تعي أهمية دعم الكفاءات وتقديرها قبل أن تتاح لها فرص أخرى للنجاح خارج أرض الوطن، فتضطر لتسجيل بعض الأهداف في شباك أوطانها، ولا يبقى لها سوى الحسرة على ما فات، وفي اللحظات التي يفوت فيها الاوان، لا يبقى للندم او الحسرة أي معنى، سوى في دائرة المعنى المرتبطة بزعزعة مشاعرنا وتعليمنا بعض الدروس القاسية في الحياة، مثلما فعل اللاعب بريل إيمبولو.

فما رأيكم في هذا الدرس من دروس مونديال قطر فيفا 2022؟