الأقاليم الجنوبية المغربية: 50 سنة من التحول نحو قطب تنموي إفريقي

رشيد الساري*

منذ استرجاعها سنة 1975، شهدت الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية مساراً تنموياً استثنائياً، جعل منها اليوم فضاءً اقتصادياً واعداً، ونموذجاً في الاندماج الوطني والجهوي. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة رؤية ملكية استراتيجية، ومخططات تنموية متكاملة، أبرزها النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي انطلق سنة 2015 بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء.

– البنية التحتية: من العزلة إلى الربط الشامل

– سنة 1975، لم تكن شبكة الطرق تتجاوز 70 كيلومتراً في مجموع الأقاليم الجنوبية.
– اليوم، تتجاوز الشبكة الطرقية 4,000 كيلومتر، منها 1,055 كلم من الطرق السريعة، تربط الداخلة والعيون بباقي جهات المملكة.
– تم إنشاء مطارين دوليين في العيون والداخلة، يستقبلان رحلات من أوروبا والخليج.
– ميناء الداخلة الأطلسي، الذي انطلقت أشغاله، يُعد من أكبر المشاريع البحرية في إفريقيا، باستثمار يفوق 12 مليار درهم.

– الاقتصاد والاستثمار: دينامية متعددة الأقطاب

– بلغ حجم الاستثمارات العمومية في الأقاليم الجنوبية منذ 2015 أكثر من 77 مليار درهم.
– قطاع الصيد البحري يشكل رافعة اقتصادية، حيث تُنتج المنطقة أكثر من 60% من الصيد الوطني، وتضم أزيد من 100 وحدة صناعية بحرية.
– في قطاع الطاقات المتجددة، تم إطلاق مشاريع للطاقة الشمسية والريحية بطاقة إجمالية تفوق 1,000 ميغاواط.
– السياحة البيئية والرياضية تعرف نمواً متسارعاً، خصوصاً في الداخلة التي أصبحت وجهة عالمية لرياضة الكايت سورف.

– الخدمات الاجتماعية: تنمية بشرية متكاملة

– تم بناء أكثر من 20 مستشفى ومركز صحي حديث، منها مستشفى جهوي بالعيون بطاقة استيعابية تفوق 250 سريراً.
– نسبة التمدرس في التعليم الابتدائي تجاوزت 98%، مع إنشاء مؤسسات جامعية ومراكز تكوين مهني.
– تم تمكين أكثر من 10,000 شاب من مشاريع مدرة للدخل ضمن برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

الأقاليم الجنوبية: بوابة المغرب نحو إفريقيا

بفضل موقعها الاستراتيجي، أصبحت الأقاليم الجنوبية منصة للتعاون الإفريقي، عبر تنظيم منتديات دولية، وتطوير الربط التجاري مع دول الساحل والصحراء. النموذج التنموي الجديد لا يكتفي بتحقيق العدالة المجالية، بل يرسخ دور هذه الأقاليم كجسر اقتصادي وثقافي بين المغرب وعمقه الإفريقي.

خلاصة: بعد خمسين سنة من العمل المتواصل، لم تعد الأقاليم الجنوبية مجرد مجال جغرافي مسترجع، بل أصبحت قطباً تنموياً متكاملاً، يجمع بين البنية التحتية الحديثة، الاقتصاد المتنوع، والتنمية البشرية المستدامة. إنها قصة نجاح مغربية تستحق أن تُروى للعالم

*رئيس المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي بلبريس، وإنما عن رأي صاحبها.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *