و بعد طول انتظار لن ننظم الكان

سفيان بن لزعر
كثيرة هي الأمور الغريبة في بلدي؛ غرابة في كل القطاعات الحيوية، قطاعات في حاجة ماسة إلى معجزة لإعادة هيكلتها والنهوض بها، ومن بين هذه القطاعات؛ الرياضة الوطنية، التي ما فتئت أن تخطو خطوة إلى الأمام إلا و تعود خطوات إلى الخلف.
عشنا جميعا في اليومين الأخيرين سيناريو رافقه الكثير من الغموض والتأويلات بخصوص عدم رغبة المملكة المغربية في استضافة كأس أمم إفريقيا 2019، وهو الخبر الذي تلقاه الشارع المغربي بكثير من الدهشة، بعدما كنا بالأمس القريب المرشح الوحيد و الأقرب لانتزاع هذا الشرف
ديدة هي المنابر والأقلام والتدوينات التي آمنت بأن هناك أمور تطبخ في السر، وأن ما أعلن عنه السيد رشيد الطالبي العلمي، وزير الشباب و الرياضة، يعتبر مجرد إستراتيجية، الهدف منها إظهار المغرب كمنقذ للكاف كما حدث سابقا و تمكن من استضافة كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين مطلع هذه السنة بعدما سحب التنظيم من كينيا لعدم جاهزيتها. و نسي البعض أن القرار في مثل هذه المناسبات هو قرار سيادي و ليس قرار يتحكم فيه طرف واحد .

و بغض النظر عن أن القرار صائب أم لا، مهم جدا أن نتمعن في مبرراته و أبعاده. فالوزير أكد أن المغرب مقبل على استضافة الألعاب الإفريقية سنة 2019 وهو ما يعيق إمكانية استضافة الكان خصوصا و أن الفترات الزمنية بين البطولة الأولى و الثانية جد متقاربة، وجميعا نتذكر أن البرازيل في ظرف سنتين استضافت أكبر تظاهرتين عالميتين على الإطلاق متمثلة في كأس العالم لكرة القدم 2014 و الألعاب الأولمبية 2016. هناك من سيرى أنه لا مجال للمقارنة بين البلدين و كذلك بين التظاهرتين، لكن للتذكير فقط فالمغرب يريد أن يصطف إلى جانب الكبار، فكان على المسؤولين المغامرة و اختبار مدى جاهزية المغرب في تنظيم أكبر تظاهرتين إفريقيتين في ظرف زمني وجيز لإثبات جاهزية المملكة لاحتضان الحدث الكروي الأكبر مستقبلا .

والحديث لن يتوقف عند هذا الحد، بل سنخوض أكثر في أبعاد هذا القرار الذي يعتبر قرارا سياديا ذو أبعاد سياسية و أخرى أمنية. فالمغرب لم يعبر من قبل عبر قنواته الرسمية عن نيته خطف التنظيم من الكاميرون، بل أجزم رئيس الجامعة الملكية المغربية في مناسبات عديدة عن دعمه اللامشروط للكاميرون لإنجاح التظاهرة القارية، و ذلك راجع إلى العلاقات الجيدة التي تربط بين البلدين.  بالإضافة إلى اللعب على ورقة الهاجس الأمني الذي قد يؤرق المسؤولين المغاربة، خصوصا في الشق المتعلق بالهجرة .

كل من يطل على نافدة المملكة المغربية من خلال إعلامها و أقطابها العمومية قد يتحسر على ضياع مثل هذه الفرصة في استضافة أول كأس إفريقية ب 24 منتخبا، وقد يبدوا للجميع أننا كنا الأقرب و الأصلح لاحتضان هذه التظاهرة لما نتوفر عليه من بنية تحتية و فنادق و طرقات كانت ستسهل المسؤولية على الكاف بالمقارنة مع نظيراتها الإفريقية إن استثنينا مصر و جنوب إفريقيا، إلا أنه كان للمسؤولين المغاربة وجهة نظر مختلفة، ربما خوفا من سقوط عدة أقنعة.