البارونة الشهيرة تجر 16 من عناصر الأمن والدرك لسجن الزاكي

 

حكاية جريمة

 الحلقة الثالثة
بعد التأكد من مكان الجبلية حددت ساعة الصفر، فتمت مداهمة الفيلا، التي حولتها إلى مخبأ لتسقط بارونة المخدرات الشهيرة في قبضة عناصر الفرقة الوطنية، و يتم اقتيادها مباشرة إلى غرفة التحقيق بعد إخضاع الفيلا لتفتيش دقيق.

سقوط الجبلية استبقه المكلفون بالبحث والتحري بمعلومات حول طبيعة تحركاتها في الآونة الأخيرة، وعلاقتها، وأسماء معاونيها، ورصد مكالمتها، وهي المعلومات التي وظفت خلال البحث مع الجبلية التي احتفظت ببصيص أمل في أن يتم إخراجها من ورطتها بأقل الخسائر، وأن يعترف بعض رفاق الأمس بالجميل، لكن الجميع أدار ظهره لها، وكانت صدمتها أكبر بعد أن علمت بأنها كانت مجرد نقطة البداية في سلسلة اعتقالات وتوقيفات هزت مصالح الأمن والدرك بسلا، ليصل عدد من تلطخوا بوحل المخدرات، أو وردت أسماؤهم في المحاضر 26 شخصا، بينهم مفتشو وضباط شرطة ومسؤول كبير، إضافة إلى عناصر من الدرك الملكي.
صدمة الجبلية لم تتوقف عند هذا الحد بعد أن علمت أن ملفها تحول إلى قضية رأي عام، وأن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط أصدر بشأنه بلاغا كشف فيه ملابسات اعتقالها، بعد أن ربط ذلك بوشايات تلقتها النيابة العامة تفيد بترويجها للمخدرات على نطاق واسع، وبحرية تامة، بعد شراء ذمم عدد من رجال الأمن والدرك، الذين أدلت بأسماء بعضهم خلال التحقيق معها.
المعلومات التي رشحت من التحقيقات المعمقة التي خضعت لها الجبلية كانت مثيرة للغاية، وتم تضخيم بعضها، بعد أن أصبح هذا الملف محط اهتمام الرأي العام، وكذا الإعلام، على المستوى الوطني والدولي، الذي تابع بفضول تفاصيل اعتقال ومحاكمة بارونة المخدرات، التي قيل إنها كانت تجني أرباحا صافية تصل إلى 70000 درهم يوميا، وتضخ مبالغ مهمة في جيوب عدد من عناصر الأمن والدرك من خلال إتاوات أسبوعية تبتدئ من 100 درهم وتتجاوز 2000 درهم. وكان هذا الرقم ينتفخ كلما تعلق الأمر بمسؤول من رتبة كبيرة ليصل إلى مليون سنتيم.
المحققون واجهوا الجبلية بحقيقة اتجارها في المخدرات، وتورط عدد من عناصر الأمن والدرك معها لتسهيل بيع المخدرات.
كما أن التحقيقات اعتمدت أيضا على ما أدلى به معاونون للجبلية من أن بعض رجال الأمن انجذبوا للمبالغ والأرباح الطائلة التي كانت تجنيها، لذا عمدوا إلى الإيقاع بتجار مخدرات صغار، وانتزاع مخدراتهم لبيعها لفائدة الجبلية. فيما ذهب البعض أبعد من ذلك من خلال إقناع الجبلية بتخفيض سعر كميات من المخدرات، على أساس شرائها منها، وتكليف بعض الأشخاص ببيعها تحت إشرافهم.
خلال التحقيق مع عناصر الدرك والأمن كان الإنكار حاضرا بقوة، واعتبر عدد من المعتقلين، الذين تم وضعهم في سجن الزاكي بسلا، أن الأمر مجرد مكيدة للإيقاع بهم، وأنهم كان يؤدون مهامهم بتفان، وقدموا على ذلك حجة إصدارهم مذكرات بحث في حق الجبلية وبعض معاونيها.
المحققون واجهوا الإنكار بعدة أدلة وقرائن اعتمدت لتقديمهم للمحاكمة، منها قرب منزل الجبلية ونقطة البيع من مقرات عملهم، ومنها دائرة الأمن بلعيايدة، ومركز الدرك، قبل أن يحين الدور على دليل آخر اعتمدته عناصر الفرقة الوطنية في التحقيق بعد اعترافات عدد من معاوني الجبلية بأنهم كانوا حلقة وصل بينها وبين عناصر من الدرك والأمن، إضافة إلى دليل آخر تمثل في قوائم تم استصدارها من شركات الهاتف، وتضم أرقاما هاتفية ولائحة مكالمات جمعتهم بالجبلية مع مدتها وتوقيت إجرائها.