قانون المجلس الوطني للصحافة بين ضغط الزمن وتوازنات البرلمان

عاد مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة إلى واجهة النقاش البرلماني، لكن هذه المرة من زاوية تدبير الزمن التشريعي، بعد انتقاله في ظرف أيام قليلة من منطق التأجيل المتكرر إلى قرار مفاجئ بتسريع الحسم فيه داخل لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين.

فبعد أن قررت اللجنة، يوم الأربعاء الماضي، تأجيل اجتماعها المخصص لدراسة التعديلات والتصويت على المشروع للمرة الثانية على التوالي، استجابة لطلبات تقدمت بها مكونات برلمانية ونقابية من المعارضة والنقابات، عاد مكتب اللجنة ليقرر تغيير الاتجاه بشكل كامل، عبر تقديم موعد الاجتماع بدل تأجيله.

وكان من المقرر في البداية عقد الاجتماع يوم الخميس 18 دجنبر 2025، قبل أن يتم تأجيله إلى الخميس 25 دجنبر، في سياق طبعته حالة من الترقب داخل الأوساط الإعلامية والنقابية، بالنظر إلى الطابع المثير للجدل الذي يحيط بالنص، خاصة بعد مصادقة مجلس النواب عليه في 22 يوليوز 2025.

غير أن اجتماع مكتب اللجنة المنعقد يوم الجمعة 19 دجنبر 2025، قلب هذا المسار، حيث تقرر تقديم موعد الاجتماع إلى يوم الاثنين 22 دجنبر 2025 على الساعة الرابعة مساء، وهو القرار الذي جاء استجابة لطلب فرق الأغلبية، وفي مقدمتها التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إلى جانب فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومجموعة الدستوري الديمقراطي الاجتماعي.

ويستند هذا القرار، بحسب رئاسة اللجنة، إلى مقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين، خاصة المادة 112، ما يمنحه غطاء إجرائيا قانونيا، لكنه في المقابل يفتح نقاشا سياسيا حول خلفيات هذا التحول السريع في تدبير ملف يفترض فيه التوافق الواسع.

ويعكس هذا الانتقال من التأجيل إلى التعجيل وجود مقاربتين مختلفتين داخل المؤسسة التشريعية: مقاربة تدعو إلى التريث وإتاحة مزيد من النقاش مع الفاعلين المهنيين، وأخرى ترى أن النص استوفى مساره التشريعي داخل مجلس النواب، وأن الوقت حان للحسم فيه داخل الغرفة الثانية.

كما يبرز هذا التطور حجم الرهانات المرتبطة بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، باعتباره هيئة ذات طابع تنظيمي وتأثير مباشر على بنية المهنة، واستقلاليتها، وآليات ضبطها الذاتي، في سياق يعرف تحولات متسارعة في المشهد الإعلامي.

وبين منطق التأجيل ومنطق السرعة، يجد مشروع القانون نفسه في قلب شد وجذب سياسي ومؤسساتي، حيث لم يعد النقاش مقتصرا على مضمون التعديلات فقط، بل امتد ليشمل طريقة تمرير النص، وتوقيت الحسم فيه، ومدى استيعابه لمخاوف ومطالب الجسم الصحفي.

ومن المنتظر أن يشكل اجتماع الاثنين المقبل محطة حاسمة في مسار هذا القانون، إما بوضع حد لحالة الانتظار، أو بفتح فصل جديد من الجدل حول علاقة التشريع الإعلامي بالتوازنات السياسية داخل البرلمان.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *