تثير صفقات استيراد المحافظ المدرسية توترا متصاعدا بين عدد من المستوردين ووزارة التجارة والصناعة، بعد قرار هذه الأخيرة رفض دخول أزيد من 100 ألف محفظة ظلت عالقة بميناء الدار البيضاء منذ يونيو الماضي، بدعوى عدم مطابقتها لمعايير الجودة التي حددها مختبر معتمد، في المقابل، يعتبر المستوردون أن القرار مجحف وغير مبرر، مؤكدين أن منتجاتهم اجتازت بنجاح الاختبارات ذاتها في فترات سابقة، متهمين جهاتٍ نافذة بالسعي إلى تمهيد الطريق أمام فاعلين محددين لاحتكار السوق، في وقت تجاوزت فيه خسائرهم المالية المليار سنتيم.
وتطرقت يومية «الصباح»، في عددها الصادر ليوم الثلاثاء 14 أكتوبر الجاري، إلى تفاصيل هذه الأزمة، مشيرة إلى أن المستوردين المنتمين إلى جمعية تجار درب عمر يعتزمون توجيه مراسلة إلى الديوان الملكي، طلبا للإنصاف ووقف نزيف الخسائر المالية المتراكمة منذ أشهر، نتيجة استمرار حجز آلاف المحافظ المستوردة داخل الميناء.
وكشفت اليومية أن المستوردين عبّروا عن استيائهم من اعتماد وزارة التجارة والصناعة لمعايير جديدة في اختبارات الجودة الخاصة بالمحافظ المدرسية، معتبرين أن هذه المعايير «ابتكار مغربي صرف» لا نظير له في باقي دول العالم، وهو ما يضعهم، وفق تصريحاتهم، في وضعية تنافسية غير متكافئة ويهدد استمرارية نشاطهم التجاري بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدوها.
وأوردت اليومية أن المستوردين اقترحوا على المصالح المعنية السماح بإخضاع المحافظ لاختبارات الجودة في مختبرات دولية قبل إدخالها إلى المغرب، على غرار ما يتم العمل به في عدد من المنتوجات المستوردة، غير أن هذا المقترح قوبل بالرفض بدعوى أن تلك الاختبارات لن تكون معتمدة رسميا، وبعد قبولهم إجراء الخبرة داخل المغرب، فوجئوا باعتماد معايير جديدة لم تُعلن رسمياً، حيث جرى، حسب روايتهم، رفع معيار مقاومة المحفظة لضغط الماء من “2 بار” إلى “4 بار”، وهو تعديل يقولون إنه تم شفوياً دون أي تغيير رسمي في النصوص التنظيمية المعمول بها.
وأفادت اليومية أن جميع الشحنات المستوردة من المحافظ فشلت في اجتياز الاختبار الجديد، بدعوى عدم قدرتها على مقاومة الضغط المائي المرتفع، مضيفة أن محاولات المستوردين لإقناع المسؤولين بالسماح لهم بإجراء تعديلات تقنية على المحافظ لرفع مستوى مقاومتها باءت بالفشل، إذ تم إبلاغهم بشكل قاطع بأن هذه المنتجات لن يُسمح بدخولها إلى السوق الوطنية، وأن عليهم إيجاد حلول لإرجاعها إلى بلدان المنشأ.
وأكد مستوردون أن الهدف من هذه العراقيل فسح المجال لجهات لاحتكار تسويق المحافظ المدرسية بالمغرب، بحجة تشجيع الصناعة الوطنية تحت شعار: «صنع بالمغرب»، بحكم أنه كان على الوزارة الوصية، إشعارهم بقرار وقف استيراد المحافظ من الخارج، ما كبدهم خسائر مالية كبيرة، وسيحرم العديد من الأسر تشتغل تحت إمرتهم من مصدر عيش.
وسبق لمستوردي المحافظ المدرسية أن تلقوا صفعة كبرى خلال جائحة كورونا، عندما كانوا يشاركون في مشروع مليون محفظة الممولة من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إذ فوجئوا وقتها بقرار استثناء المحافظ المستوردة من الصفقة لفائدة المصنوعة محليا، وهو القرار الذي استفادت منه جهات كانت على علم بالمعلومة، قبل أن يتم فرض خضوع المحافظ المستوردة لخبرة خاصة للمشاركة في الصفقة المعنية، لكن بعد إلغاء مشروع مليون محفظة، واستفادة الأسر الفقيرة من دعم 300 درهم، تم وضع معايير صارمة، لتكرس ثقافة الاحتكار، حسب قول المتضررين.