خبيرلـ “بلبريس”: إسرائيل تقصف لتكسر الرعب الإيراني وتعيد تشكيل المنطقة

في خضم تصعيد متسارع باتت معه رائحة الحرب تسبق صوتها، عادت منطقة الشرق الأوسط إلى واجهة التوترات الدولية، وهذه المرة بوجه مكشوف بين إسرائيل وإيران.
فبعد سنوات من “الحرب الباردة” بين البلدين، يتجه الصراع اليوم نحو مشهد أكثر انكشافًا، حيث تقصف إسرائيل العمق الإيراني، وتستهدف مواقع بالغة الحساسية، من مراكز عسكرية واستخباراتية إلى منشآت نووية، كانت دومًا قلب النزاع بين طهران والعواصم الغربية.

الدكتور نور الدين بلحداد، الباحث في معهد الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس، يرى أن “ما يحدث ليس مجرد ضربة عسكرية بل هي عملية ممنهجة لقلب موازين القوى في المنطقة”.

ويضيف: “إيران شكلت دومًا عقبة كأداء في وجه المشاريع الأمريكية والأوروبية، بل خاصة الإسرائيلية، والملف النووي لم يكن سوى رأس جبل الجليد. أما الهدف الحقيقي فكان دائمًا هو كبح طموح إيران الإقليمي وكسر شوكتها العسكرية”.

وبحسب بلحداد، فإن الضربة الأخيرة الإسرائيلية “جاءت لتُسكت الصوت الإيراني في أكثر مفاصله حيوية: الاستخبارات، والعلم، والعقيدة النووية”، واصفًا إياها بـ”الضربة التي أتت على الأخضر واليابس”. وفي المقابل، يرى أن الردود الإيرانية ما تزال، إلى حدود الساعة، محصورة في نطاق التصريحات النارية، دون أن ترقى إلى مستوى الرد العسكري المباشر، ما يعكس بحسبه “ترددًا استراتيجيا مرده الوعي بكلفة الحرب الشاملة”.

وتروج إسرائيل من جهتها لرواية الدفاع عن النفس، مؤكدة أن استهدافها لمراكز إيرانية يأتي في سياق “كسر الرعب” الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني على أمنها القومي، إلا أن بلحداد يرفض هذا المنطق، ويرى أن إسرائيل “تشتغل بمنطق المبادرة لا الدفاع، وهي مدعومة في ذلك من قوى دولية كبرى تسمح لها بتوسيع نطاق عملياتها، ليس فقط في غزة وسوريا، بل اليوم في قلب إيران نفسها”.

وإذا كانت الولايات المتحدة تصر على أنها “أعطت إيران فرصًا للعودة إلى طاولة المفاوضات”، فإن القراءة الواقعية، بحسب بلحداد، تكشف أن “واشنطن لا تبحث عن مفاوضات، بل عن خنق، عن تحجيم، عن فرض وقائع بالقوة”.

وفي ختام حديثه، يؤكد الباحث أن “الشرق الأوسط يتجه نحو إعادة تشكل جيوسياسي، الرابح الأكبر فيه هو إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاؤهما، فيما تخسر دول المنطقة المزيد من استقرارها وسيادتها، في غياب موقف عربي موحد أو رؤية إقليمية مضادة”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *