تؤكد كل المؤشرات السياسية والدبلوماسية، والإيقاع المتصاعد للانتصارات المتتالية، أن المغرب يقترب من كتابة الفصل الأخير في ملحمة وحدته الترابية.
وإذا كان جلالة المغفور له الحسن الثاني قد أعلن في 6 نونبر 1975 انطلاق المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء المغربية، فإن جلالة الملك محمد السادس، يسير بثبات نحو إعلان النصر الكامل يوم 6 نونبر 2025، في ذكرى مرور نصف قرن على انطلاق تلك المسيرة التاريخية.
وفي هذا السياق، جاءت جلسة مجلس الأمن المغلقة، التي انعقدت مساء الإثنين 14 أبريل الجاري، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، كمحطة فارقة في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وشكلت الجلسة التي قدّم خلالها رئيس بعثة المينورسو، ألكسندر إيفانكو، إحاطة غير مسبوقة، تحولًا نوعيًا في الخطاب الأممي، بعدما نسفت بشكل واضح الرواية التي تسوّقها جبهة البوليساريو، مدعومة من الإعلام الرسمي الجزائري، منذ إعلانها الانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار سنة 2020.
واختار إيفانكو، المعروف بلغة تقاربه المعتادة، هذه المرة الصراحة، مؤكدًا أنه لا وجود لأي حرب حقيقية في الصحراء، مفندًا بذلك ما تروج له البوليساريو من “معارك يومية” و”خسائر جسيمة” في صفوف القوات المسلحة الملكية.
وأضاف أن ما يُتداول في هذا الصدد لا يمت للواقع بصلة، مشددا على أن البعثة الأممية تتابع الوضع الميداني بشكل مستمر، ولم ترصد أي مؤشرات على وجود تصعيد عسكري فعلي.
وفي موقف لافت، ذهب رئيس بعثة المينورسو أبعد من ذلك، ليشكك في القدرة العملياتية للبوليساريو، معلنًا أن هذه الأخيرة “غير قادرة على إلحاق أضرار كبيرة بالقوات المسلحة الملكية”، وهو تصريح يُعد بمثابة اعتراف دولي بانهيار مشروع المواجهة المسلحة الذي طالما حاولت الجبهة تسويقه أمام المجتمع الدولي.
من جهة أخرى، عبّر المسؤول الأممي عن تقديره للنهج الذي تعتمده القوات المسلحة الملكية، مثمنًا ما وصفه بـ”ضبط النفس”، رغم التفوق العسكري الواضح للمغرب.
وأكد أن هذا الموقف يعكس احترام المملكة للشرعية الدولية ورغبتها في تفادي التصعيد، مقابل استمرار الطرف الانفصالي في التلويح بالحرب وتغذية الدعاية المضللة، دون أي إنجاز ميداني حقيقي.
وفي إشارة سياسية بالغة الدلالة، ذكّر إيفانكو بمبادرة المغرب لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان، والتي قوبلت برفض صريح من طرف البوليساريو، ما يؤكد، حسب قوله، تمسك الجبهة بخيار التوتر الدائم لا بهدف الحسم العسكري، وإنما لاستخدامه كورقة سياسية أمام المنتظم الدولي.
المعطيات الصادرة عن مجلس الأمن، إلى جانب مواقف عدد من القوى الكبرى الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا، تعزز يقين الرباط بأن النصر السياسي والدبلوماسي في ملف الصحراء بات أقرب من أي وقت مضى.
ومع اقتراب الذكرى الـ50 للمسيرة الخضراء، يبدو أن المغرب يستعد، ليس فقط للاحتفال بتاريخ من النضال، بل لإعلان نهاية نزاع طال أمده، وإغلاق ملف ظل لعقود رهينة الحسابات الإيديولوجية والاستراتيجية البائدة.