"مدونة الأسرة" تعيد الجدل العقيم بين ''الإسلاميين''و''الحداثيين''والسياسوية التافهة للواجهة

منذ الرسالة الملكية اارامية لتعديل مدونة الأسرة في المغرب وإعادة مراجعتها، تصاعد النقاش حول المشروع الجديد بين مختلف الأحزاب السياسية بين الإسلاميين والحداثيين ليعود الصراع بينهم حول عدة قضايا متعلقة بالإرث; وتزويج القاصرات ;ومسألة تعدد النساء بالنسبة للرجل الواحد، ورفع الحضانة عن الأم في حالة زواجها من رجل ثان.

وكان العاهل المغربي قد دعا في خطاب العرش يوليو المنصرم إلى مراجعة مدونة الأسرة، لكنه شدد على ضرورة الإلتزام بتعاليم الإسلام، وقال في هذا الصدد: "إنني لن أحل ما حرمه الله، ولن أحل ما أحل الله، لا سيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية".

وفي سياق المقترحات المقدمة إلى حد الآن من طرف التيار اليساري، هناك شبه إجماع على المطالبة بالمساواة في الإرث واعتباره نظاما “مجحفا” في حق المرأة المغربية.

ويتمسك التيار الإسلامي بالجمود في المدونة ورفض فتح النقاش في المواد التي تتعلق بتجديد الطرح في القضايا الخلافية التي تعتمد على تشريعات تعتبر قديمة ولا تتناسب مع العصر الحالي، خصوصا فيما يتعلق بقضايا النساء والمسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة ولم تكن موجودة سابقا.

 ويشدد المطالبين بحقوق المرأة على ضرورة إعادة النظر في المادة 400 من مدونة الأسرة وفتح الباب أمام الاجتهاد لتصحيح الوضع “المختل”؛ الأمر الذي يرفضه الإسلاميون بشدة، ما ينذر بمعركة جديدة تلوح في الأفق بين التيارين المختلفين.

ويقول حزب العدالة والتنمية إن مطالب حذف المادة 400 تحيل إلى اجتهادات المذهب المالكي. وهي مادة يتم اللجوء إليها في كل ما لم يرد فيه نص في مدونة الأسرة.

وأوضح في مذكرة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة، بأن المذهب المالكي “اختاره المغاربة منذ أكثر من اثني عشر قرنا مذهبا رسميا للدولة المغربية، وظل إلى يومنا هذا، تعبيرا عن الوحدة المذهبية الدينية والأصالة الحضارية للأمة المغربية”.

واستغرب متابعون إشادة الحزب الإسلامي باختيار مضى عليه اثنا عشر قرنا، لم يعد يتناسب مع العصر ولا مستجداته ولا التطورات التي طرأت على المغرب والعالم أجمع، بينما يتجاهل الحزب مسار التنمية الذي تسير عليه المملكة والذي يتواكب مع نهضة اجتماعية تتطلب مراجعة وإصلاح التشريعات القانونية التي تمس نواة المجتمع وهي الأسرة وقضاياها.

وأصر عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، على احترام المرجعية الإسلامية التي تتأسس عليها مدونة الأسرة، مشددا أن في "هذه المرجعية المصلحة الحقيقية للشعب، وفيها حكم الله وأن ما عداها قابل للنقاش".

وذكر بنكيران في كلمة له خلال ندوة صحفية نظمها الحزب حول مدونة الأسرة، الجمعة، أن المعركة اليوم ليست حول مصالح الطفل أو المرأة أو الأسرة، بل معركة مرجعيات.

وأردف أن هناك من ينطلق من مرجعيات غير أصيلة في مطالبه بخصوص المدونة، تلك المرجعيات التي أتت من الخارج، ولها مجموعة من الأوعية والنساء المسؤولات في مستويات عالية يدافعن عنها ويرفعن مطالبها.

واعتبر أن بعض المطالب التي يرفعها بعض الأشخاص والهيئات، تتجه إلى أشياء جزئية وإلى قضايا ليس فيها مشكل، من قبيل تعديل الإرث.

في المقابل طالبت فيدرالية اليسار الديمقراطي بحذف المادة، مبررة ذلك بكونها أصبحت وسيلة لتقييد اجتهاد القاضي بالمذهب المالكي وحده خاصة، فيما استقت المدونة الحالية بعض أحكامها من مذاهب أخرى.

وبدوره طالب حزب التقدم والاشتراكية بحذف هذه المادة، معتبرا على لسان أمينه العام محمد نبيل بنعبد الله في ندوة تم تنظيمها قبل أسابيع، هَذه المادة “مفتوحة” على اعتماد اجتهادات غير واردة في مدونة الأسرة”.

وبحسب محللين فإن هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها المواجهة بين التيارين، وكانت هناك سوابق تبين من خلالها أن المغرب كمجتمع استطاع أن يتجاوز هذه الحالات من خلال التوافقات.