هل دق "بيان الزلزال"آخر مسمار في نعش البيجيدي؟...استقالات وغضب عارم وسط قيادة المصباح
أثار البلاغ الأخير للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، موجة سخرية واسعة لدى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، من جهة طريقة الكتابة والتعبير اللغوي، ومن جهة الأفكار والمضمون، وذلك بعد ربطه زلزال الحوز بـ”المعصية واعتباره تذكيرا بالرجوع إلى الله تعالى”.
عبد القادر اعمارة القيادي البارز بـ"البيجيدي" يقدم استقالته من الحزب ومن جميع هيآته
في أولى تداعيات البيان المثير للجدل الذي أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أعلن القيادي والوزير السابق في صفوف الحزب عبد القادر اعمارة استقالته من التنظيم، وذلك بعد أقل من 24 من إصدار الوثيقة.
وكتب اعمارة “تدوينة” نشرها حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي “فيسوك”: “بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة والتنمية فإني أعلن عن استقالتي من الحزب وكل هيئاته منذ هذه اللحظة”، ما اعتبره الكثير من المتابعين ردا مباشرا منه على بيان الأمانة العامة للحزب الذي أغضب الكثير من أعضائه.
محمد يتيم: بلاغ “الزلزال والمعاصي” لا يمثلني.. وتدبير الحزب وصل درجة تستدعي دق ناقوس الخطر
ويبدو أن اعمارة ليس الوحيد الغاضب من البيان الذي أشعل النار داخل الحزب،فقد انظم القيادي في العدالة والتنمية، محمد يتيم، إلى مجموع الرافضين لمضمون البلاغ الصادر عن الأمانة العامة لحزب البيجيدي.
واعتبر يتم في توضيح له، “البلاغ الصادر باسم الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بلاغ غير موفق وشارد وغير مناسب من عدة زوايا”.
وأضاف أن “حزب العدالة والتنمية حزب سياسي وكان من المفروض أن يتناول الموضوع من زاوية سياسية واجتماعية بالأساس وأن يبتعد عن إثارة قضايا جدلية وكلامية”.
وأكد يتيم أن نقطة “االزلزال والمعاصي” قد شوشت على باقي المواقف، “ومن الطبيعي أن تتحول عند عدد من خصوم الحزب إلى زاوية المعالجة الوحيدة والنقطة التي يسلط عليها الضوء”.
وأبرز أن البلاغ “غير موفق أيضا من زاوية ربط ذلك بالذنوب والمعاصي، ولا أحد يمكن أن يعلم ذلك إلا الله، ما لم يرد في القرآن والسنة صراحة ما يفيد أن طوفانا أو رياحا عاصفة أو خسفا كان عقوبة إلهية كما ورد في القرآن صراحة في عدد من الحالات”.
وأشار إلى أنه “لا أحد يمكن أن يجزم أن أقدار الزلزال أو الفيضان أو الأوبئة أو الأمراض أو الأوبئة أو هذا الزلزال تعيينا أو ذاك هو عقاب من الله! بل إن القول بذلك والإيحاء به هو من باب التألي على الله”.
وشدد على أن “البيت الحرام نفسه غمرته المياه كم من مرة وواجه عواصف… وفي زلزال الحوز مراكش سقطت وتضررت مساجد ومدارس ومرافق عامة لا تقترف فيها المعاصي”.
وأضاف: “وفي المناطق الجبلية الفقيرة التي ضربها الزلزال، الناس المتضررون أبعد بالمقارنة مع مناطق أخرى عن المعاصي والفساد الأخلاقي، وفي كل المناطق توجد استثناءات، بل إن بعض المناطق الجبلية والجنوبية هي معاقل لحفظة القرآن وبقاء الناس في الغالب على الفطرة والصلاح عموما وعلى القناعة بالقليل والكرم وغير تلك من الأخلاق التي تجد أصولها في الدين، فكيف يمكن أن نجزم أو حتى أن نحتمل بأن زلزال منطقة الحوز وتارودانت عقاب إلهي عن معاصي مقترفة. أو يمكن أن يكون كذلك؟”.
واعتبر يتيم أن “كل أعضاء الأمانة العامة يتحملون المسؤولية.. وما أعرفه أن الأمانة العامة التي كنت أشتغل فيها تعتمد البلاغات والبيانات الصادرة باسمها بصورة جماعية.. وفي غالب الأحيان يكون البلاغ أو البيان موضوع أخذ ورد”.
وأبرز أن “البلاغ الأخير يظهر أنه تضمن فقرات من الكلمة الافتتاحية التلقائية للأمين العام، وكان من اللازم إعادة صياغتها بما يرفع اللبس الحاصل فيها، خاصة أن المكتوب أدق في التعبير عن المقصود من المنطوق المرتجل…”.
عزيز أفتاتي:البيان “خطأ جسيم وأنا لا أتفق مع ذلك الكلام
اعتبر عزيز أفتاتي، القيادي البارز في صفوف “حزب المصباح”، أن البيان “خطأ جسيم ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تساير عبد الإله بنكيران فيه”.
وأضاف أفتاتي في تصريح صحفي : “اعتبار الزلزال غضبا من الله خطأ شائع في الثقافة الإسلامية، ويدخل في باب العقائدية والفكرية”، مشددا على أن هذه الأخطاء “لا ينبغي أن تتسرب لهذه الهيئات الإصلاحية”.
وتابع المتحدث غاضبا: “أنا لا أتفق مع ذلك الكلام، لأنه غير سليم من الناحية العقدية والفكرية. وهذه القناعة غير صحيحة، لأنه لا يمكن أن نقول إن جزيرة الوقواق ضربها إعصار، وهذا غضب إلهي”، وزاد: “ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تضمن كلام الأمين العام في البيان، وقد يفهم منه أنه إقرار أو اتفاق معه، وأنها تشاركه تلك القناعة وتتقاسمها معه، وهذا أستبعده”.
وواصل أفتاتي مهاجما: “بنكيران إنسان صوفي، وأن تتسرب إليه مثل هذه الأفكار الخاطئة فهذا أمر ليس مستغرب، كما قد تكون عنده بعض المبالغات في كل الأحوال، وذلك ما كان ينبغي أن يضمن في البيان”؛ في إشارة إلى أن الأمانة العامة للحزب تتحمل مسؤولية هذا الخطأ.
وختم الفاعل السياسي ذاته تصريحه قائلا: “الله لا يملك الجمارك في الأرض. هذا من الناحية العقائدية والفكرية خطأ شائع، والابتلاء يكون بالسراء والضراء، ولكن الكيف والتفاصيل بالزمن والمكان لا يعلمه إلا الله”، مشددا على حاجة التنظيمات الإصلاحية إلى الفرز “وتصحيح الأفكار غير السليمة عند عامة الناس، وقبل ذلك عند النخبة”، وذلك في انتقاد واضح منه لبنكيران.
خالد الصمدي:"فلا يحشرن أحد نفسه بين الله وعباده"
خالد الصمدي، الوزير السابق باسم الحزب، علّق على البيان بتدوينة دعا فيها قيادة حزبه إلى عدم حشر أنفسهم “بين الله وعباده في حكمته ومقصده من ابتلائه لعباده بلا حجة ولا برهان”.
ويرى الصمدي أن الله “وحده سبحانه الذي يكشف في كل صورة من صور الابتلاء عن مقصدها حين يشاء كما ورد ذلك في عدد من قصص القرآن”.
وأوضح بأن سنة الابتلاء في القرآن الكريم تدور في الذكر الحكيم بين ثنائيات واحتمالات، ولا مجال فيها للقطع والجزم والثبات”.
وأشار إلى أنها “قد تكون بالشر كما قد تكون بالخير، لقوله تعالى “ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون”.
كما أنّها “محفوفة بالاحتمال والظن لقوله تعالى “عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون”.
وأيضا ربط الله الابتلاء في حالتيه بالصبر والشكر، لقوله تعالى “وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور”.
وتابع “وقد وضع الله تعالى سنة الابتلاء في هذه الدائرة من الثنائيات والاحتمالات وحجب عن الإنسان غايتها ومقصدها لحكمة أرادها ليعيش الإنسان على التفاؤل والأمل بين الخوف والرجاء والمعصية والتوبة والغفران”.
تجدر الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية، في بلاغه الصادر الأحد، اعتبر أن الزلزال الذي ضرب إقاليم الحوز وامتد أثره إلى أقاليم أخرى، هو أمر فيه تنبيه “كي نرجع الى الله، لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار”.
وأبرز الحزب من خلال بيان لأمانته العامة، أن “الصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا ليس فقط بمعناها الفردي ولكن بمعناها العام والسياسي، لأن السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها…”.
ونبهت الأمانة العامة إلى “ضرورة أخذ العبرة من هذه الأزمة العصيبة ومخلفاتها للقيام بمراجعة حقيقية لطريقة ومنهجية بلورة وتنفيذ والمصادقة على مختلف السياسات العمومية والبرامج التنموية، بما ينسجم مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ولاسيما تلك الموجهة إلى المناطق القروية والجبلية والمهمشة والتي عرفت للأسف فشلا بالرغم من المجهودات التي بذلت والبرامج والميزانيات التي رصدت”.