''intelligence maghreb'.. للتقرب من السعودية النظام الجزائري يضحي برأس الغنوشي
وجدت الجزائر نفسها في أزمة جديدة بعد اقصاءها من الاجتماع التشاوري المتعلق بعودة سوريا إلى كنف جامعة الدول العربية، ورغبتها في الإنضمام إلى التحالف الجديد الذي يجمع السعودية وإيران، فاضطر النظام العسكري إلى أن تلعب بورقة وحيدة وهي تقديم "زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي" باعتباره العدو اللدود للسعودية على طبق من فضة.
الجزائر اللاعب الرئيسي في الأزمة التونسية
كشفت صحيفة ”مغرب-أنتلجنس” أن النظام الجزائري له دور رئيسي في اعتقال زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي بسبب السهولة التي صاحبت القبض عليه من قبل وحدة أمنية صغيرة أثناء وقت الإفطار في منزله.
وقالت الصحيفة ذاتها إن "السلطة الجزائرية تخلت عن راشد الغنوشي زعيم حزب “حركة النهضة” الإسلامي التونسي. بعدما التزمت صمت الخرفان أمام اعتقال “حليفه” الغنوشي يوم 17 أبريل، علما أنها حريصة على تتبع أدنى تطور في ميزان القوى داخل الطبقة السياسية التونسية".
وفي هذا المقال، يذكر “مغرب إنتلجنس” أن القصر الرئاسي في قرطاج، أرسل مراسلات وأجرى اتصالات مع الرئيس الجزائري وحكومته لإطلاعه على خطة اعتقال رئيس حركة النهضة. وتوصل الطرفان، بحسب زعم صاحب المقال، إلى “صفقة تتمثل في إلقاء القبض على راشد الغنوشي بسرعة، ومن ثم توجيه الاتهام إليه رسميا أمام محكمة تونسية من أجل تبرير اعتقاله في نهاية المطاف، مع التزام قيس سعيد بضمان معاملة جيدة جدا لزعيم النهضة تليق برتبته كشخصية سياسية بارزة في تونس والتعهد بعدم الإبقاء على راشد الغنوشي في السجن طويلاً وعدم إصدار أي إدانة جنائية شديدة بحقه، وذلك ضمن هدف أبعد هو السماح لقيس سعيد بتحييد حركة النهضة وتعليق أنشطتها السياسية دون إذلال قيادتها الوطنية أو إلحاق الأذى بزعيمها الأول مما قد يعرض حالته الصحية للخطر”.
صفقة الجزائر وتونس لاعتقال الغنوشي
وقالت مصادر جزائرية مطّلعة لموقع “مغرب إنتليجنس“: إن “السهولة التي صاحبت القبض على الغنوشي من قبل وحدة أمنية صغيرة في أثناء وقت الإفطار في منزله، يعني أنّ النظام الجزائري، اللاعب الرئيسي في الأزمة التونسية، رفع بشكل غير رسمي الحماية التي كان يوفرها له منذ 2021”.
وأكدت المصادر ذاتها أنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والمؤسسة العسكرية فضّلا التضحية براشد الغنوشي “تسوّلاً” للتقرب من السعودية، التي تعرف علاقاتها توتراً لم يعد خافياً في الأروقة الدبلوماسية.
وأكد "المغرب أنتليجينس"، أن “الصفقة” التي تربط الرئيس التونسي قيس سعيد بالجزائر لم تعد سرا والتي تقتضي أن يقدم تبون والقادة الجزائريون له دعما ثابتا وحماية مطلقة، طالما أنه يحترم تعليمات معينة مرتبطة ببعض الخطوط الحمراء التي رسمها جيرانها الغربيون. ويعتبر ضمان السلامة الجسدية والمعنوية لزعيم حركة النهضة أحد تلك الخطوط، والذي يندرج ضمن جزء من استراتيجية إقليمية تهدف إلى تدجين جماعة الإخوان المسلمين في تونس، لمنعهم من الترويج لأفكارهم المعادية للقوة الأمنية والعسكرية في الجزائر.
ومنذ اعتقال الغنوشي، التزمت الجزائر رسميا الصمت ولم تعلق على هذا الموضوع، على الرغم من دعوة شخصيات وأحزاب إسلامية في البلاد، السلطات لعدم “النأي بالنفس”، وهو ما يشير من جانب آخر إلى عدم وجود إجماع حتى في الساحة الجزائرية حول طريقة التعامل مع قيس سعيد في ظل تسارع الأحداث في تونس، وتداخل المصالح الأجنبية في المنطقة.
الجزائر تنقلب على الغنوشي
قبل فترة طويلة من وصول قيس سعيد إلى السلطة في تونس، حافظ راشد الغنوشي على علاقات جيدة مع النظام الجزائري، الذي دعم مرارًا الحكومات التونسية المتعاقبة التي تضم أعضاء بارزين في حركة النهضة. ومقابل هذا الدعم، حرص الإسلاميون التونسيون على ألا تصبح بلادهم مرتعًا لانتشار أفكار الإسلام الراديكالي المعادي لعسكر الجزائر.
منذ انقلاب قيس سعيد على الدستور، في 25 يوليو 2021، أبرم النظام الجزائري صفقة مع سيد قرطاج تقتضي توفير بعض الحماية لراشد الغنوشي بهدف ضمان توازن معين للقوى، يكون مفيدا لمصالح الجزائر في تونس. يبدو أن هذه الصفقة قد تم فسخها، تؤكد مصادرنا، بسبب ميول الجزائر إلى المصالحة بسرعة مع السعودية، التي أدى تطبيعها مع إيران إلى خلط أوراق كل المعطيات الجيو-ستراتيجية في المنطقة.
في ظل هذا النظام الإقليمي الجديد الذي ترسمه الرياض مع “شريكها” الإيراني الجديد، تشعر الجزائر بأنها مهددة بشكل كبير، خاصة وأن الرياض تبذل قصارى جهدها لإثبات أن النظام الجزائري لا مكان له في دائرة حلفائه الجديدة. وقد بدا ذلك واضحا من خلال عدم دعوة السعودية للجزائر لحضور الاجتماع التشاوري حول عودة سوريا إلى حظيرة جامعة الدول العربية، علما أن الجزائر التي ترأس، حاليا، هذه المنظمة الإقليمية.
الجزائر تحاول استمالة السعودية برأس الغنوشي
في المقابل، ذكر المصدر ذاته أن النظام الجزائري وجد نفسه مضطرا لتبني استراتيجية جديدة لاستمالة الرياض والتقدم بخطوة نحو إعادة إطلاق التعاون مع السعودية، من خلال استخدام تونس، الورقة الوحيدة التي يتوفر عليها في منطقة الجوار.
وخاصة عبر التضحية بجماعة “الإخوان المسلمين التونسيين”، الذين تحاربهم السعودية، باعتبارهم عدوها اللدود، في الوقت الذين يحظون بدعم قطر وتركيا، اللتين تدور في فلكهما الجزائر. هكذا، أصبح رأس راشد الغنوشي “هدية” على طابق ذهبي من النظام الجزائري إلى ولي العهد السعودي.
وقال "المغرب أنتيليجنس" "لكن علينا انتظار مدى تفاعل محمد بن سلمان مع هذه اليد الجزائرية “المتسولة”، في الوقت الذي تعمل فيه الرياض على إغلاق الملف السوري نهائيًا، وهو الاختبار الأخير للخلاف الرئيسي مع طهران، لتأسيس نظام جديد الذي سيُدير الشؤون المعقدة في العالمين العربي والإسلامي".