قال امحند العنصر الامين العام لحزب الحركة الشعبية في كلمة له خلال فعاليات المؤتمر 14 للسنبلة اليوم الجمعة:"ها هي سفينة الحركة الشعبية اليوم ترسو بميناء المحطة الرابعة عشرة، بعد أن قاومت العواصف والأعاصير ورست بأمان وسلام في بر الموانئ الثلاثة عشر بفضل حنكة وصبر وحكمة ربابنة وملاحين رواد، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"
وتابع العنصر:"في هذه المحطة المفصلية من التاريخ الحركي التي اختير لها كشعار "الوفاء لمغرب المؤسسات"، نخلد بإجلال وإكبار ذاكرة الرائد المؤسس المرحوم المحجوبي أحرضان الذي غادرنا إلى دار البقاء منذ سنتين، ولم نتمكن من تشييعه بما يليق بمكانته السياسية والوطنية بسبب ما فرضته جائحة كوفيد-19 من تدابير حجر صحي احترازية في خريف 2020. ولذلك، ليس من قبيل الصدف فقط، ففي الأمر إنصاف الزمان والتوقيت، سمينا هذا المؤتمر الوطني ب "دورة المحجوبي أحرضان" الذي ودعنا في شهر نونبر، وما أدراك ما نونبر في تاريخ الحريات العامة بالمغرب. أو ليس أحرضان هو صاحب المقولة الشهيرة في فجر الاستقلال " لم نناضل من أجل الاستقلال لكي نفقد الحرية"
واشار العنصر:" إلى أن انعقاد المؤتمر الوطني الرابع عشر لحزبنا يأتي في سياق وطني خاص وسياق دولي صعب ومعقد، وكلا السياقين مرتبطان أشد الارتباط، وهذا شيء طبيعي بحكم الانفتاح والتعامل والتفاعل مع المحيطين الإقليمي والدولي.
وتابع المتحدث نفسه:"إننا نعيش على إيقاع ظرفية دقيقة وصعبة، بعد أن عانينا، والعالم من حولنا، على امتداد قرابة ثلاث سنوات، من تداعيات جائحة صحية غير مسبوقة بالنسبة للأجيال المعاصرة، جائحة كانت لها تداعيات اقتصادية واجتماعية ونفسية، غيرت أنماط العيش وفرضت البحث عن بدائل جديدة ومبتكرة من أجل البقاء والمحافظة على البنيان الاقتصادي من الانهيار التام."
واسترسل:"وبالنسبة لبلادنا، فقد تمكنت، ولله الحمد، من التصدي لأثار كوفيد-19 بفضل الرؤية الاستباقية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي عمل على احياء قيم التضامن والتآزر التي جبل عليها المجتمع المغربي عبر التاريخ حيث آثرت كل التدابير المتخذة مع بدء الوباء سلامة وحياة الإنسان على الاقتصاد والبنيان، كما كان جلالته حفظه الله سباقا إلى توفير اللقاح لشعبه بالمجان مما قوى مناعة المواطنات والمواطنين وحصنهم من أخطار مضاعفات الإصابة بالوباء."
وتابع لعنصر:"ولقد كان في صلب الاهتمامات والهواجس الكبرى للوطن بعد الجائحة، وتبعا للتوجيهات الملكية النيرة، إنجاح مخطط الإقلاع الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وتحفيز المبادرة الحرية عبر مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل توفير فرص الشغل للشباب العاطل، وكذا ترسيخ مفهوم الدولة الاجتماعية الراعية المواطنات والمواطنين والضامنة لحقهم في العيش الكريم، وذلك من منطلق الإيمان بجعل دروس كورونا فرصة لابتكار البدائل والحلول."
كما حرصت بلادنا، على الرغم من إكراهات الجائحة، على احترام مواعيد الاستحقاقات الانتخابية التي مرت في ظروف استثنائية وأفرزت الخريطة السياسية الحالية بما لها وما عليها. ولقد كنا نتمنى، وما نبل المطالب بالتمني، أن يتم تنزيل التوجيهات الملكية السامية على أرض الواقع، لكننا نصطدم اليوم بأن قطار الوعود الانتخابية لم يقلع بعد من محطة الانطلاق، بل أكثر من ذلك، تسبب وقوفه الغريب وغير المبرر في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لغالبية الشرائح الاجتماعية، بسبب موجة الغلاء المتصاعدة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، زيادة على أزمة الجفاف وندرة المياه وباقي تجليات التغيرات المناخية، مما أدى، وهذا تحصيل حاصل للأسف، إلى تدني مستوى الطبقة المتوسطة المعول عليها في ضمان التماسك الاجتماعي، إلى مستوى الطبقات المسحوقة بالفقر والعوز.
دوليا، أناخت الأزمة الروسية الأوكرانية بكلكلها على الواقع، حيث يعيش العالم أزمة طاقة حقيقية وأزمة الحبوب، لا نعلم كيف ستكون تداعياتها في المستقبل القريب المنظور.
لسنا في حاجة إلى المزيد من تشخيص الواقع لأنه جلي وباد للعيان، بقدر حاجتنا إلى مبادرات وقرارات جريئة قادرة على تخطي إشكاليات هذا الواقع المتسم بتراجع مؤشرات التنمية في مجالات التعليم والصحة والشغل.
وفي هذا الباب، فإننا في الحركة الشعبية عازمون، من أي موقع كان، على الإسهام في أي مجهود وطني لتجاوز مسببات الأزمة، عمادنا ومصدر قوتنا في ذلك ما راكمه حزبنا من رصيد وطني وتعلق بالثوابت والمؤسسات منذ خرج إلى الوجود في نهاية خمسينيات القرن الماضي رافعا شعار الحرية والوفاء لقيم تمغرابيت، رافضا كل الرياح شرقية كانت أم غربية.
هذا، وبالرجوع إلى التاريخ، قريبه وبعيده، فقد برهنت الوقائع على صواب اختياراتنا التي هي اختيارات المغرب. ففي الوقت الذي كان فيه عدد من البلدان الحديثة العهد بالاستقلال مع تبني موضة الأنظمة الشمولية والحزب الوحيد والرأي الوحيد، كنا في طليعة المنافحين عن التعددية في إطار الوحدة الوطنية. ولقد اتضح جليا للجميع خلال ما سمى بموجة "الربيع العربي" أن خيار التعددية كان صمام أمان للوطن، في الوقت الذي انهارت أنظمة تبنت غير هذا الخيار في رمشة عين.
واختتم الامين العام لحزب الحركة الشعبية:"هذه ومضات نيرة من تاريخ حزبنا تجعلنا نشعر اليوم وأكثر من أي وقت مضى أننا اخترنا الاختيار الصح والصحيح، بأن جعلنا أنفسنا في خدمة المغرب وقبل أي اعتبار آخر، لأن ما كان يهمنا ولا يزال هي حسابات الوطن التي تعلو وتسمو فوق كل الحسابات الضيقة."