هل ستؤدي صراعات أجنحة حزب الاستقلال مغادرة حكومة اخنوش؟

يعيش حزب الاستقلال هذه الأيام على إيقاع خلافات تنظيمية بين أجنحته بسبب التعديلات المرتقب إدخالها على نظامه الأساسي ، خصوصا تلك المتعلقة بكيفية الحصول على العضوية بالمجلس الوطني في وقت دقيق من تاريخ الحزب المشارك اليوم في حكومة اخنوش.
هذا الحزب التاريخي يوجد اليوم بين مفترق الطرق، بسبب صراعات وخلافات عميقة بين قيادة الحزب; والتي قد تدفع رئيس الحكومة اخنوش التخلي عن حزب الاستقلال وتعويضه بحزب الاتحاد الاشتراكي الذي ينتظر كاتبه الأول ادريس لشكر بفارغ الصبر الدخول في حكومة اخنوش بأي ثمن ، وهو ما أشار اليه بنكيران في إحدي خرجاته الأخيرة.
وحسب مصادر استقلالية فالتعديلات التي سيتم إدخالها على النظام الأساسي للحزب كانت سياقا لانفجار هذا الصراع داخل حزب علال الفاسي ،والتي تتضمن إلغاء عضوية البرلمانيين والمستشارين ومفتشي الأقاليم والعمالات ورؤساء روابط الحزب بالصفة في المجلس الوطني.
والعارف بخبايا حزب علال الفاسي يدرك ان هذا الخلاف القانوني ما هو الا شجرة تخفي وراءها صراعا أكبر بين صقور الحزب، وبين أعضاء اللجنة التنفيذية خصوصا بين اتباع الأمين العام للحزب نزار بركة وبعض أعضائها يقودهم حمدي ولد الرشيد المتحكم في التنظيمات بكل الوسائل..
ووفق المصادر ذاتها، فإن إلغاء عضوية البرلمانيين بالصفة في المجلس الوطني للحزب في المؤتمر الاستثنائي المقبل يرمي إقصاء أكبر عدد من البرلمانيين والمستشارين والمفتشين الاقليميين الموالين لنزار بركة ، في انتظار ان تصبح امانة الحزب صحراوية بعد كانت تتوزع بين الفاسيين والمراكشيين، وخلق صراعات داخل الأقاليم بين البرلمانيين وباقي المناضلين خصوصا بالعمالات والاقاليم ذات الحضور الضعيف داخل المجلس الوطني.
ونشير ان هذه التعديلات قد صادقت عليها اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال في اجتماعا الأخير،لطرحها والمصادقة عليها في المؤتمر الوطني الاستثنائي، ليتم تقليص عدد أعضاء المجلس الوطني بهذا التعديل من حوالي 1200 عضوا إلى حوالي 500 عضوا.
وفي هذا الصدد ،تجدر الاشارة الى ان الفصل77 من النظام الأساسي للحزب ينص على ان المجلس الوطني يتشكل من :
-الأمين العام للحزب
-اعضاء مجلس الرئاسة
-اعضاء اللجنة المركزية المنتهية ولايتها والممارسين لمهامهم الي حين انعقاد المؤتمر العام
-اعضاء اللجنة التنفيذية السابقون
-مفتشو الحزب بالعمالات والاقاليم
-النواب والمستشارون الاعضاء بمجلسي النواب
527- عضوا يتم انتخابهم من المؤتمرات الإقليمية للحرب
440- عضوا يتم انتخابهم من طرف هيئات الحزب ومنظماته الموازية وروابطه المهنية وتنظيماته المختصة ولجانه الوطنية، وذلك حسب التوزيع الذي تقترحه اللجنة التنفيذية وتصادق عليه اللجنة التحضيرية.
وحسب مصدر قيادي من حزب الاستقلال، إن تشكيل المجلس الوطني للحزب من 1200 عضوا مبالغ فيه ويصعب عقد دوراته بانتظام ، لكنه إلغاء عضوية أعضاء مجلسي البرلمان بالصفة في المجلس الوطني لا مبرر له، لانه يحد من وصولهم لعضوية اللجنة التنفيذية للحزب، ويعد لحسن حداد من أشد المدافعين على هذا الطرح، وهو الفاعل السياسي الوافد على الحزب.
ولن تتوقف تعديلات النظام الأساسي لحزب علال الفاسي عند هذا الحد، بل انها ستنص إحداث منصب نائب الأمين العام للحزب، ومنحه صلاحيات واسعة من شأنها الحد من صلاحيات الأمين العام، وفي هذا تصفية حسابات – أيضا- بين جناح الأمين العام الحالي وجناح الصحراء.
لكن ، رغم هذه الصراعات بين أجنحة حزب الاستقلال، فقد تم الحسم في إعادة انتخاب نزار بركة امينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية بين أعضاء اللجنة التنفيذية حتى من طرف حمدي ولد الرشيد وميارة الجناح الصحراوي القوي داخل الحزب لكون نزار بركة هو رجل هذه المرحلة الحالية.
مقابل هذا التوافق حول إعادة انتخاب بركة بين اجنحة الحزب، فما زال الخلاف حادا بين جناح نزار بركة والجناح الصحراوي حول ضم عبد الواحد الفاسي، مؤسس تيار “لا هوادة”، وعبد القادر الكيحل والبقالي وبن حمزة المحسوبين على تيار الأمين العام السابق حميد شباط، إلى اللجنة التنفيذية.
ونشير – هنا- إصدار اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال الشهر الماضي بلاغا كشفت من خلاله أنها عقدت خلوة دراسية بالهرهورة، برئاسة نزار بركة، الأمين العام للحزب، خصصت للتحضير للمؤتمر الاستثنائي الذي سيعقده التنظيم من أجل مراجعة وتطوير نظامه الأساسي.
وأشار البلاغ إلى أنه “بعد الاستماع إلى التقرير المفصل الذي أعدته اللجنة المنبثقة عن اللجنة التنفيذية المكلفة بصياغة مشروع تعديل بعض مقتضيات النظام الأساسي للحزب، وما تلاه من مناقشة مستفيضة وعميقة وإغناءات، صادقت اللجنة التنفيذية على مشروع هذه التعديلات”، وأضاف أنه “سيتم الإعلان عن تاريخ ومكان المؤتمر الاستثنائي في الأيام القليلة المقبلة”.
وبحسب مصادر من حزب الاستقلال،فان عقد هذا المؤتمر الاستثنائي يأتي من أجل تأجيل موعد المؤتمر العادي بسبب الأوضاع الصحية المتعلقة بجائحة كورنا، حتى لا يفقد الحزب الدعم الذي تمنحه الدولة للأحزاب السياسية أولا،وتعديل النظام الأساسي ثانيا.
على كل حزب الاستقلال قبل المؤتمر الاستثنائي المقبل ، لن يكون هو نفس الحزب بعده، لان ما يجري اليوم بحزب الاستقلال ستكون له تداعيات على حاضر ومستقبل الحزب ،لان الصراع بين أجنحته ليس صراعا حول المبادرات او الأفكار أو الاقتراحات او الادوات التنظيمية لتقوية الحزب المحاصر داخل حكومة اخنوش، بل حول التموقع وتصفية الحسابات والتحكم في اجهزة الحزب،ضاربة عرض الحائط تاريخ الحزب وأهميته لتشييد مغرب الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي الجديد والدولة الاجتماعية.
واخيرا وليس أخيرا، نقول، ما يلاحظ اليوم، من حالات التصدع، والتيارات والاجنحة داخل الأحزاب المغربية خصوصا الوطنية منها أصبحت هي المهيمنة على المشهد السياسي والحزبي المغربي، حيث لم تعد الخلافات والصراعات داخل الأحزاب صراعات الفكر والمبادرة والمقابلة،بل اصبحت صراعات المصالح الضيقة والتموقعات مما يفسر الحضور الباهت للأحزاب اليسارية والاسلاموية والليبرالية والمحافظة بالمشهد السياسي، حيث انها اصبحت احزاب بدون مناضلين حقيقيين.
الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي بالمغرب صعب اليوم، وحكومة اخنوش في وضعية صعبة
واذا ما استمر التطاحن بين أجنحة الحزب ، فان حزب الاستقلال سيجد نفسه في المعارضة.
وهو ما سيسفر ازمة سياسة البلاد هي في غنى عنها، نظرا للسياق الوطني الصعب والمأزوم والسياق الدولي المضطرب.
وتواجد الاحزاب في المعارضة اليوم يعني موتها البطيء، لذلك على صقور وقيادة حزب الاستقلال العودة في هذه اللحظات الصعبة الى قراءة كتاب علال الفاسي -النقد الذاتي-

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *