في الوقت الذي انطلق فيه العد العكسي للاستحقاقات الانتخابية التشريعية والجهوية والجماعية والمهنية، المرتقب أجرائها نهاية خلال السنة الجارية، تتسابق الاحزاب لاختيار مرشحيها وتزكية وجوه سياسية قوية تعول عليها لجلب الأصوات والفوز بالمقاعد.
وخلافا للنقاشات التي كانت قبل شهور على الساحة السياسية، والمطالبة بتغيير الوجوه الحالية والقطع مع سياسيي الماضي، تشير العديد من المؤشرات،ووفقا للمعطيات المتوفرة فان الرهان على عملية “الروسيكلاج السياسي” واعادة انتاج النخب تبقى مجرد شعارت واهية، حيث فضلت الاحزاب الرهان على نفس الوجوه والكائنات الانتخابية التي عمرت لسنوات، ومنها وجوه فشلت في تدبير المناصب التي شغلتها لعقود.
الى جانب ظاهرة تزكية نفس الكائنات الانتخابية، برزت ظاهرة اخرى مشينة طغت على الساحة السياسية ظاهرة الترحال، التي تتم غالباً بين الأحزاب الكبرى، وبموجبها يتم استقطاب أسماء سياسية من أحزاب أخرى للمراهنة عليها في الانتخابات البرلمانية.
وتهم ظاهرة الترحال السياسي، أسماء حزبية كبيرة يطلق عليهم لقب “تجار الانتخابات”، وهم أعضاء في أحزاب يتمتعون بشعبية واسعة في دوائر ترشيحهم، ويستطيعون الحصول على أكبر عدد من الأصوات الانتخابية في أي استحقاقات.
ووجدت الأحزاب السياسية نفسها في حرج شديد أمام ظاهرة الترحال السياسي، وكثرة تنقل البرلمانيين من فريق إلى آخر دون معايير واضحة، ما يكرس نوعاً من عدم الاستقرار والغموض في عمل المؤسسة الدستورية.
ففي سنة 2011، ومن خلال الدستور الأخير للمملكة منع المشرع المغربي ظاهرة الترحال السياسي بين الأحزاب، ووضع عقوبة فقدان المقعد البرلماني إذا ما ثبت تخلي الشخص عن انتمائه الحزبي، وهذا المبدأ تم تنزيله وتكريسه في باقي القوانين التنظيمية الأخرى المتعلقة بالانتخابات، سواء الجماعات الترابية أو الغرف المهنية.
وفي شهر فبراير الماضي، حذر الأمناء العامون لمختلف الأحزاب السياسية في مذكراتهم المرفوعة إلى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، من مغبة السماح لسماسرة وتجار الانتخابات، باستعمال المال لشراء ذمم الناخبين في أطول مسلسل انتخابي سيشهده المغرب.
وأكد استطلاع للرأي حول توجهات المغاربة في انتخابات 2021، أنجزه معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية، تحذيرات الأمناء العامين، إذ كشفت النتائج أنَّ 81.3 في المائة من المستجوبين (عددهم 875) يرون أن المال يؤثر بقوة في نتائج الانتخابات.
ويرى مراقبون للشأن السياسي بالمغرب ان من بين اسباب عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات هي عملية الترحال والميركاتو الحزبي، حيث ت تؤكد الأرقام الرسمية، أن من أصل حوالي 24 مليون مواطن يبلغون سن التصويت، هناك فقط 16 مليونا مسجلون في اللوائح الانتخابية، بينما لا يتعدى عدد المصوّتين حوالي 7 ملايين ناخب، مليون منهم أدلوا بأوراق ملغاة، وفق المعطيات المتعلقة بالانتخابات التشريعية لسنة 2016.
لذى اعادة تزكية نفس الوجوه ونفس الكائنات وتجار الانتخابات من طرف الاحزاب والترحال الفوضوي وترشيح الفاسدين سيزيد من ظاهرة العزوف رغم اعتماد القاسم الانتخابي على اساس المسجلين، ونفور المواطن من الفعل الانتخابي.