احتضن فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمدينة زاوية الشيخ، بعد زوال يوم السبت، أشغال ندوة علمية تحت عنوان: "جوانب من تاريخ زاوية الشيخ وقبيلة آيت أم البخت وتراثهما". ونُظم هذا الحدث الهام بتعاون مشترك بين فضاء الذاكرة التاريخية، ومركز أݣورا للدراسات الإعلامية والاجتماعية والسياسية، والجمعية الثقافية بزاوية الشيخ.
شهد اللقاء العلمي مشاركة متميزة من أساتذة باحثين، وفاعلين جمعويين، وطلبة، وتلاميذ، بالإضافة إلى إعلاميين محليين وجهويين. وامتدت فعاليات الندوة على مدار جلستين علميتين تفاعليتين، سبقتها جلسة افتتاحية.
استهلت الندوة بكلمة ترحيبية من الدكتورة لالة مريم الداكي، ممثلة فضاء الذاكرة التاريخية، التي شددت على أهمية تثمين التراث المحلي والحفاظ على الذاكرة الجماعية. أعقبها كلمة السيد أسامة باجي، رئيس الجمعية الثقافية بزاوية الشيخ، ثم كلمة الأستاذ عبد الرحيم اودمجان، ممثل مركز أݣورا، الذي أبرز دور التاريخ المحلي في ترسيخ الهوية وتحقيق التنمية المجالية.
وخُصصت الجلسة العلمية الأولى، التي ترأسها الأستاذ عبد الرحيم أودمجان، لمناقشة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة. وساهم فيها كل من الدكتور عبد الواحد فينيك (جامعة الحسن الثاني) بمداخلة حول "الماء وتنظيم المجال بزاوية الشيخ"، والأستاذ عبد الرحمان زهواني (باحث بكلية الآداب بني ملال) الذي تناول "العرف في تدبير مياه السقي التقليدي"، والأستاذ عبد الصمد الحدوشي (باحث في التاريخ والتراث) الذي قدم مداخلة عن "التراث المعماري بجبل آيت أم البخت".
أما الجلسة العلمية الثانية، بإدارة الأستاذ محمد الغلام، فقد ركزت على التراث الثقافي وسبل المحافظة عليه. وشارك فيها الأستاذ عبد الرحمان أوشن بمداخلة حول "التراث اللامادي والإكراهات التي يواجهها"، والأستاذ عبد الغاني السراضي (باحث في التاريخ القديم) الذي استعرض "جهود فضاء الذاكرة في حفظ التراث الثقافي المحلي"، واختتم الأستاذ أسامة باجي بمداخلة بعنوان "الصحافة والتاريخ في ترسيخ الهوية الثقافية".
وقد أثمرت النقاشات الغنية التي شهدتها الندوة عن مجموعة من التوصيات الهامة، كان من أبرزها: ترميم المعالم التاريخية، وتنظيم مسارات سياحية تربط الذاكرة بالطبيعة، وتوثيق العروض العلمية المقدمة في إصدار خاص. كما دعت التوصيات إلى العمل على رقمنة الذاكرة المحلية والتراث اللامادي، وتوفير قاعدة بيانات مفتوحة للباحثين، ودعم الإنتاجات الإعلامية والتواصلية حول تراث زاوية الشيخ ومحيطها، وتشجيع الشباب على الانخراط في مشاريع سردية توثق الهوية المحلية. وأخيراً، أوصى المشاركون باعتماد الندوة كتقليد سنوي يجمع الفاعلين الثقافيين والباحثين الأكاديميين بالمنطقة، بهدف جعل الذاكرة الجماعية رافعة للتنمية المجالية المستدامة.
وفي تصريح خاص عقب الندوة، أكد الأستاذ أسامة باجي، منسق مركز أݣورا، أن "هذه الندوة تمثل حلقة أولى في مشروع بحثي وثقافي أوسع يهدف إلى استعادة التاريخ المحلي وإخراجه من التهميش، عبر إشراك الجامعة والمجتمع المدني والإعلام في توثيقه وتثمينه."
من جانبه، أوضح الأستاذ عبد الغاني السراضي، القيم على فضاء الذاكرة التاريخية بزاوية الشيخ، أن "الرهان اليوم لم يعد فقط على حفظ الذاكرة، بل على إبداع وسائل جديدة لنقلها للأجيال الصاعدة، والرقمنة واحدة من أهم هذه الوسائل، إلى جانب فتح الفضاءات التاريخية أمام التلاميذ والطلبة ووسائل الإعلام."
واختتمت فعاليات الندوة بتوزيع شواهد تقديرية على المشاركين والتقاط صور جماعية، في جو احتفائي يعكس الغنى الثقافي والتاريخي للمنطقة.