هل ترضخ الجزائر لفرنسا وتفرج عن الكاتب بوعلام صنصال؟
في تطور جديد يتعلق بقضية الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال، تشير توقعات إلى احتمال الإفراج عنه بموجب عفو رئاسي ، حيث يأتي هذا القرار المحتمل في إطار تجنب المزيد من التوتر والإحراج الذي قد يعرّض النظام الجزائري لانتقادات على الساحة الدولية.
وذكرت مصادر أن فرنسا مارست ضغوطًا كبيرة على الجزائر، ما أدى إلى استجابة السلطات الجزائرية لطلب باريس بالإفراج عن الكاتب وتسفيره إلى بلده الأصلي.
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عفوًا رئاسيًا شمل 2471 معتقلًا، من بينهم أفراد تصفهم السلطات بأنهم متورطون في "جرائم تمس النظام العام" ،ولم تُعلن السلطات بعد عن أسماء المفرج عنهم، بينما تشير بعض التكهنات إلى إمكانية إدراج بوعلام صنصال ضمن القائمة.
وبحسب نشطاء حقوقيين، لم تُنشر حتى الآن أسماء سجناء الرأي الذين شملهم العفو، والذين يُقدّر عددهم بأكثر من 200 شخص.
وفيما يتعلق بوعلام صنصال، المحبوس على ذمة التحقيق منذ نوفمبر الماضي بسبب تصريحاته المثيرة للجدل حول الحدود الجزائرية على قناة فرنسية، هناك تكهنات بأنه قد يكون ضمن المستفيدين من إجراءات العفو، لكن لم يصدر أي تأكيد رسمي من محاميه أو النيابة.
يُذكر أن صنصال يواجه تهمًا بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي تُصنّف "الأفعال التي تهدد أمن الدولة" كأعمال إرهابية، وتواصل جهات فرنسية منذ اعتقاله حملة ضغط واسعة للإفراج عنه، مشيرة إلى حالته الصحية المتدهورة.
ويأتي توقيت العفو الأخير في ظرف غير معتاد، إذ جرت العادة أن يُصدر الرئيس الجزائري قرارات العفو خلال المناسبات الدينية والوطنية. اللافت أيضًا أن هذا العفو جاء بعد شهرين فقط من عفو رئاسي بمناسبة ذكرى الثورة التحريرية، مما أثار تكهنات حول الخلفيات السياسية لهذا القرار.
اقرأ أيضا:
بين الإنكار والمساءلة الدولية: تقرير يكشف تورط الجزائر ودورها في نزاع الصحراء
صدر عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد محل دراسة بعنوان "دروس من 50 عامًا من قضية الصحراء: البوليساريو وتطور القانون الدولي"، أكدت فيها أن اسم الجزائر أصبح يظهر بشكل متزايد في التقارير الأممية حول قضية الصحراء، رغم إنكارها لدورها في النزاع وإصرارها على أنها "ليست طرفًا فيه".
وأبرزت الدراسة أن أفعال الجزائر تتناقض مع مواقفها الرسمية، مؤكدة أن الاعتراف بدورها في النزاع يُعد مفتاحًا لإعادة إحياء العملية السياسية المتعثرة.
وأشارت الدراسة إلى أن الجزائر شاركت في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة من خلال آلية الموائد المستديرة، وأن قرارات مجلس الأمن الأخيرة تتضمن بوضوح الإشارة إلى "المغرب، جبهة البوليساريو، الجزائر، وموريتانيا"، بدلًا من الصيغة السابقة التي اقتصرت على المغرب وجبهة البوليساريو.
وأكدت الدراسة أن مجلس الأمن يشجع الأطراف الأربعة على التعاون مع المبعوث الأممي طوال العملية السياسية، رغم استخدام بعض المصطلحات العامة مثل "الأطراف" و"الدول المجاورة".
وأضافت الورقة أن سلوك الجزائر، مثل استدعاء سفيرها من فرنسا ردًا على دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربي، لا يمكن تفسيره بشكل منطقي إذا لم تُعتبر الجزائر طرفًا في النزاع.
وأوضحت الدراسة أن القانون الدولي يتيح تحميل الجزا-ئر مسؤولية أفعال جبهة البوليساريو، نظرًا لاعتماد الأخيرة عليها وسيطرتها الفعلية عليها.
وأكدت الدراسة أن تصرفات الفاعلين غير الدوليين قد تُنسب إلى الدول إذا كانت هناك علاقة وثيقة بين الطرفين، مشيرة إلى أن البوليساريو تعمل من داخل الأراضي الجزا-ئرية وتخضع لسيطرة الجزائر في جميع المجالات ،وبالتالي، فإن المسؤولية عن الأفعال غير القانونية التي ترتكبها البوليساريو تُنسب إلى الجزائر.
وأشارت الدراسة إلى أن موافقة البوليساريو على استغلال الموارد الطبيعية في الأقاليم الصحراوية تعكس موافقة الجزا-ئر نفسها، وفقًا لمواد المسؤولية الدولية.
وأوصت الدراسة بإعادة تقييم دور البوليساريو كطرف في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، ودعت الجزائر إلى المشاركة بشكل مباشر كطرف كامل الأهلية بدلًا من الاعتماد على البوليساريو كوكيل.
وأوضحت الدراسة أن المشاعر القومية في مخيمات تندوف، التي تدعم الانفصال، قد تكون مبالغًا فيها لأغراض سياسية، وربطت ذلك بمفهوم "قومية الضحية". وشددت على أن هذه المشاعر يمكن تخفيفها عبر تنفيذ مبادرة الحكم الذاتي مع التركيز على الحوار والتعاون. كما أكدت أن تعزيز أوجه التشابه بين السيادة والحكم الذاتي قد يساعد في معالجة مخاوف التخلي عن مشروع إقامة الدولة.